بلغتهم. وروي عن محمد بن الحنفية أنه قال يوم مات ابن عباس: مات رباني هذه الأمة. وقد ذكرنا اشتقاقه قبل.
(بما كنتم تعلمون الكتاب) أي: القرآن (وبما كنتم تدرسون) أي: الفقه.
ومن قرأ بالتشديد أراد: تعلمونه لسواكم. فيفيد أنهم يعلمون ويعلمون غيرهم.
والتخفيف لا يفيد أكثر من كونهم عالمين. ودخلت الباء في قوله (بما كنتم تعلمون) لأحد ثلاثة أشياء: إما أن يريد كونوا معلمي الناس بعلمكم، كما يقال: أنفقوهم بما لكم، أو يريد: كونوا ربانيين في علمكم ودراستكم. ووقعت الباء موقع في. أو يريد كونوا ممن يستحق أن يطلق له صفة عالم بعلمه على جهة المدح، بأن تعملوا بما علمتم، وذلك أن الانسان إنما يستحق الوصف لأنه عالم، إذا عمل بعلمه. ويدل عليه قوله (إنما يخشى الله من عباده العلماء).
(ولا يأمركم) أي: ولا يأمركم الله، عن الزجاج. وقيل: ولا يأمركم محمد، عن ابن جريج. وقيل: ولا يأمركم عيسى. ومن نصب الراء عطفه على أن يؤتيه الله فمعناه: ولا كان لهذا النبي أن يأمركم (أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا) أي: آلهة، كما فعله الصابئون والنصارى (أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) ألف إنكار أصله الاستفهام، وإنما استعمل في الانكار لأنه مما لو أقر به المخاطب، لظهرت فضيحته. فلذلك جاء على السؤال، وإن لم يكن الغرض تعرف الجواب ومعناه: إن الله تعالى إنما يبعث النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ليدعوا الناس إلى الإيمان، فلا يبعث من يدعو المسلمين إلى الكفر.
(وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين [81] فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون [82]).
القراءة: قرأ حمزة وحده: (لما آتيتكم) بكسر اللام. والباقون بفتحها. وقرأ نافع: (آتيناكم) على الجمع. والباقون: (آتيتكم) على التوحيد.
الحجة: الوجه في قراءة حمزة (لما آتيتكم) بكسر اللام أنه يتعلق بالأخذ،