دفع الموت، لأنه يجوز أن يدخل عليهم العدو فيقتلهم في قعر بيوتهم.
وإنما ألزمهم الله دفع الموت عن أنفسهم بمقالتهم أنهم لو لم يخرجوا لم يقتلوا، لأن من علم الغيب في السلامة من القتل، يجب أن يمكنه أن يدفع عن نفسه الموت، فينبغي أن يدفعه هذا القائل، فإنه أجدى عليه. وفي هذا ترغيب في الجهاد، وبيان أن كل أحد يموت بأجله، فلا ينبغي أن يجعل ذلك عذرا في القعود عن الجهاد، لأن المجاهد ربما يسلم، والقاعد ربما يموت. فيجب أن يكون على الله التكلان.
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون [169] فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون [170] * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين [171]).
القراءة: قرأ ابن عامر (قتلوا) بالتشديد. والباقون بالتخفيف. وقرأ الكسائي وحده: (إن الله لا يضيع) بكسر الألف. والباقون بالفتح.
الحجة: من قرأ (قتلوا) بالتخفيف، فالوجه فيه أن التخفيف يصلح للقليل والكثير (1). ووجه الفتح في (أن)، أن المعنى ويستبشرون بأن الله لا يضيع أجرهم، ويتوفر ذلك عليهم، ويوصله إليهم من غير نقص وبخس. ووجه الكسر على الاستئناف.
اللغة: أصل البشارة من البشرة، لظهور السرور فيها. ومنه البشر: لظهور بشرته. والمستبشر: من طلب السرور في البشارة فوجده. ولحقت الشئ وألحقته غيري. وقيل: لحقت وألحقت لغتان بمعنى واحد. وجاء في الدعاء: " إن عذابك بالكفار ملحق " بكسر الحاء أي: لاحق. والنعمة: هي المنفعة التي يستحق بها الشكر إذا كانت خالية من وجوه القبح، لأن المنفعة على ضربين أحدهما: منفعة