(إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياؤه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين [175]).
الاعراب: (كم) من (ذلكم): للخطاب لا للضمير. فلا موضع لها من الإعراب. وقوله: يخوف يتعدى إلى مفعولين يقال: خاف زيد القتال، وخوفته القتال.
المعنى: ثم ذكر أن ذلك التخويف والتثبيط عن الجهاد، من عمل الشيطان فقال: (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه). والمعنى: إنما ذلك التخويف الذي كان من نعيم بن مسعود، من فعل الشيطان، وباغوائه وتسويله، يخوف أولياءه المؤمنين. قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: ويخوف المؤمنين بالكافرين. وقال الزجاج وأبو علي الفارسي وغيرهما: إن تقديره: ويخوفكم أولياءه أي: من أوليائه بدلالة قوله: (فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) أي: إن كنتم مصدقين بالله، فقد أعلمتكم أني أنصركم عليهم. ومثله قوله (لينذر بأسا شديدا) أي: لينذركم ببأس شديد. فلما حذف الجار نصبه. وقيل: معناه إن الشيطان يخوف المنافقين الذين هم أولياؤه، وإنهم هم الذين يخافون من ذلك التخويف، بأن يوسوس إليهم ويرهبهم، ويعظم أمر العدو في قلوبهم، فيقعدوا عن متابعة الرسول، والمسلمون لا يخافونه، لأنهم يثقون بالنصر الموعود، ونظيره قوله: (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون). والأول أصح.
(ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم [176] إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم [177]).
القراءة: قرأ نافع في جميع القرآن (يحزن) بضم الياء وكسر الزاي إلا قوله:
(لا يحزنهم الفزع الأكبر) فإنه فتحها وضم الزاي. وقرأ الباقون في جميع القرآن بفتح الياء وضم الزاي. وقرأ أبو جعفر عكس ما قرأ نافع، فإنه فتح الياء في جميع