وهل يجوز ذلك؟ قلنا: ذلك لا يجوز، لأن قتل المشركين لهم معصية، ولا يجوز تمني المعاصي، كما لا يجوز إرادتها، ولا الأمر بها، فإذا ثبت ذلك فإنما تمنوا الشهادة بالصبر على الجهاد، إلى أن يقتلوا.
(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين [144]).
اللغة: محمد: أخذ من الحمد. والتحميد: فوق الحمد، فمعناه: المستغرق لجميع المحامد، لأن التحميد لا يستوجبه إلا المستولي على الأمر في الكمال. فأكرم الله عز اسمه نبيه وحبيبه " صلى الله عليه وآله وسلم " باسمين مشتقين من اسمه تعالى: محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " وأحمد. وإليه أشار حسان بن ثابت في قوله:
نبي أتانا بعد بأس، وفترة، * من الدين، والأوثان في الأرض تعبد ألم تر أن الله أرسل عبده * ببرهانه، والله أعلى وأمجد وشق له من اسمه ليجله، * فذو العرش محمود، وهذا محمد الاعراب: إنما دخل حرف الاستفهام على حرف الشرط، وتقديره: أتنقلبون إن مات أو قتل، لأن الشرط لما انعقد به صار جملة واحدة، وخبرا واحدا، فكان بمنزلة تقديم الاسم على الفعل في الذكر، إذا قيل: أزيد قام، فكذلك تقديمه في القسم، والاكتفاء بجواب الشرط عن جواب القسم، كما قال الشاعر:
حلفت له إن (1) تدلج الليل لا يزل * أمامك بيت من بيوتي سائر النزول: قال أهل التفسير: سبب نزول هذه الآية أنه لما أرجف بأن الني " صلى الله عليه وآله وسلم " قد قتل يوم أحد، وأشيع ذلك، قال أناس: لو كان نبيا لما قتل. وقال آخرون: نقاتل على ما قاتل عليه، حتى نلحق به، وارتد بعضهم وانهزم بعضهم.
وكان سبب انهزامهم وتضعضعهم، إخلال الرماة لمكانهم من الشعب. وكان رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " نهاهم عن الإخلال به، وأمر عبد الله بن جبير وهو أخو خوات بن جبير،