الناس. (والله سميع) لأقوالكم (عليم) بما في ضمائركم لا يخفى عليه من ذلك خافية.
وفي هذه الآية دلالة على أن من حلف على شئ، فرأى غيره خيرا منه، فله أن ينقض يمينه، ويفعل الذي هو خير. وهل يجب عليه الكفارة؟ فيه خلاف: فعند أكثر الفقهاء يجب عليه الكفارة، ولا كفارة عليه عندنا. ومن أقسم على غيره ليفعل فعلا، أو ليمتنع عن فعل، ولا يبالي بذلك. قال بعضهم: إن المقسم عليه لا يأثم بذلك، والصحيح أن المقسم عليه يأثم، لقول النبي: " من سألكم بالله فأعطوه، ومن استعاذكم بالله فأعيذوه ".
(لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم [225]).
اللغة: أصل اللغو: الكلام الذي لا فائدة فيه، يقال: لغا يلغو لغوا: أتى بكلام لا فائدة فيه. وألغى الكلمة: إذا طرحها، لأنه لا فائدة فيها. واللاغية:
الكلمة القبيحة الفاحشة، ومنه اشتقاق اللغة لأنها كلام لا فائدة فيه عند غير أهله.
ولغو الطائر: منطقه، قال ثعلبة بن صعير المازني:
باكرتهم بسباء جون ذارع * قبل الصباح، وقبل لغو الطائر واللغاء: الذكر بالكلام القبيح، لغى يلغي لغى. وأصل الحلم: الأناة، وهو في صفته تعالى الإمهال بتأخير العقاب على الذنب.
الاعراب: (في أيمانكم): في موضع الحال، والعامل فيه (يؤاخذ). وذو الحال (اللغو بما كسبت) يجوز أن يكون (ما) اسما موصولا، ويجوز أن يكون حرفا موصولا.
المعنى: ثم بين سبحانه أقسام اليمين، فقال: (لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم) اختلفوا في يمين اللغو، فقيل: هو ما يجري على عادة الناس من قول:
" لا والله، وبلى والله " من غير عقد على يمين يقتطع بها مال، ولا يظلم بها أحد، عن ابن عباس وعائشة والشعبي، وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله، وهو قول الشافعي. وقيل: هو أن يحلف وهو يرى أنه صادق، ثم تبين أنه كاذب، فلا