اللغة: أصل التمحيص: التخليص. قال الخليل: المحص الخلوص من العيب. ومحصته أمحصه محصا: إذا خلصته من كل عيب. ويقال: اللهم محص عنا ذنوبنا أي: أذهبها عنا. لأنه تخليص الحسنات بتكفير السيئات. وأصل المحق:
فناء الشئ حالا بعد حال، ولهذا دخله معنى النقصان. وانمحق الشئ انمحاقا، وامتحق الشئ وتمحق: إذا ذهبت بركته حالا بعد حال. والمحاق: آخر الشهر لذهاب ضوء الهلال، حالا بعد حال.
المعنى: ثم بين تعالى وجه المصلحة في مداولة الأيام بين الناس، فقال:
(وليمحص الله الذين آمنوا) قيل في معنى الآية أقوال أحدها: وليمحص الله أي:
وليبتلي الله الذين آمنوا (ويمحق الكافرين) ينقصهم، عن ابن عباس ومجاهد والسدي. وثانيها: ليخلص الله ذنوب المؤمنين، عن الزجاج وثالثها: ينجي الله الذين آمنوا من الذنوب بالابتلاء، ويهلك الكافرين بالذنوب عند الابتلاء، عن علي بن عيسى. وإنما قابل بين التمحيص والمحق، لأن محص هؤلاء بإهلاك ذنوبهم، نظير محق أولئك بإهلاك أنفسهم، وهذه مقابلة في المعنى.
وفي هذه الآية دلالة على أنه تعالى إنما يداول بين الناس لتمحيص ذنوب المؤمنين، ومحق الكافرين، وإنما يمحصهم بالمداولة لشيئين: أحدهما: إن في تخليتهم وتمكين الكافرين منهم، تعريضا لهم للصبر الذي يستحقون به عظيم الأجر، ويحط به عنهم كثيرا من أثقال الوزر. والثاني: إن في ذلك لطفا لهم يعصمهم عن اقتراف نفوسهم الإثم.
(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين [142] ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون [143]).
اللغة: الفرق بين التمني والإرادة أن الإرادة من أفعال القلوب، والتمني: قول القائل ليت كان كذا، أو ليت لم يكن. وقيل: إن التمني معنى في القلب يطابق هذا القول، والصحيح هو الأول.
الاعراب: (أم) في قوله (أم حسبتم): هي المنقطعة، وتقديره: بل