عن الأصم (هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان) يعني بإظهار هذا القول، صاروا أقرب إلى الكفر، إذ كانوا قبل ذلك في ظاهر أحوالهم أقرب إلى الإيمان حتى هتكوا الستر، فعلم المؤمنون منهم ما لم يعلموه. واللام بمعنى إلى يعني: هم إلى الكفر أقرب منهم إلى الإيمان، كقوله تعالى: (الحمد لله الذي هدانا لهذا) أي: إلى هذا.
(يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم) ذكر الأفواه تأكيدا لأن القول قد يضاف إليها. وقيل: إنما ذكر الأفواه فرقا بين قول اللسان، وقول الكتاب. والمراد به قولهم: لو نعلم قتالا لاتبعناكم. وإضمارهم أنه لو كان قتال لم يقاتلوا معهم، ولم ينصروا النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ". وقيل: معناه يقولون بأفواههم من التقرب إلى الرسول والإيمان، ما ليس في قلوبهم، فإن في قلوبهم الكفر. (والله أعلم بما يكتمون) أي: بما يضمرونه من النفاق والشرك.
(الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين [168]).
اللغة: الدرء: الدفع، يقال درأ عنه أي: دفع عنه. قال الشاعر:
تقول إذا درأت لها وضيني (1): * أهذا دينه أبدا، وديني الاعراب: موضع (الذين) يحتمل أن يكون نصبا على البدل (2) من الضمير في (يكتمون)، ويحتمل أن يكون رفعا على خبر الابتداء على تقدير هم الذين قالوا.
المعنى: (الذين قالوا) يعني المنافقين (لإخوانهم) في النسب، لا في الدين، يعني عبد الله بن أبي وأصحابه، قالوا في قتلى أحد (وقعدوا) هم يعني هؤلاء القائلون، عن جابر وقتادة والسدي والربيع (لو أطاعونا) في القعود في البيت، وترك الخروج إلى القتال (ما قتلوا قل) لهم يا محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " (فادرؤوا) أي: فادفعوا (عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين) في هذه المقالة، ولا يمكنهم