(إنك أنت الوهاب) المعطي للنعمة الذي شأنه الهبة والعطية (ربنا) أي:
ويقولون يا سيدنا وخالقنا (إنك جامع الناس) للجزاء (ليوم) أي: في يوم (لا ريب فيه) أي: ليس فيه موضع ريب وشك لوضوحه. وهذا يتضمن إقرارهم بالبعث (إن الله لا يخلف الميعاد) أي: لا يخلف الوعد. وقيل: هو متصل بما قبله من دعاء الراسخين في العلم، وإن خالف آخر الكلام أوله في الخطاب والغيبة، فيكون مثل قوله: (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم)، وتقديره: فاغفر لنا إنك لا تخلف ما وعدته. وقيل: إنه على الاستئناف، وهو اختيار الجبائي، فيكون إخبارا عن الله تعالى.
(إن الذين كفروا لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار [10]).
اللغة: الوقود الحطب والوقود إيقاد النار.
المعنى: ثم بين تعالى حال الذين في قلوبهم زيغ، فقال: (إن الذين كفروا) بآيات الله ورسله (لن تغني) أي: لن تدفع (عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا) قال أبو عبيدة: من هنا بمعنى عند. وقال المبرد: وهي على أصلها لابتداء الغاية وتقديره: لن تغني عنهم غنا ابتداء وانتهاء. وقيل: معناه من عذاب الله شيئا (وأولئك هم وقود النار) أي: حطب النار تتقد النار بأجسامهم، كما قال في موضع آخر: (حصب جهنم).
(كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب [11]).
اللغة: الدأب: العادة يقال: دأب يدأب دأبا: إذا اعتاد الشئ وتمرن عليه.
والدأب: الاجتهاد، يقال: دأب في كذا دأبا ودؤوبا: إذا اجتهد فيه وبالغ، ونقل من هذا إلى العادة، لأنه بالغ فيه حتى صار عادة له، قال زهير:
لأرتحلن بالفجر، ثم لأدئبن * إلى الليل، إلا أن يعرجني طفل (1)