يغني عن ذكر جوابه، وكان أبلغ لتقرير المخاطب فيه (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) ظاهر المراد.
وتضمنت الآية الترغيب في طاعة الله التي يستحق بها النصرة، والتحذير من معصية الله التي يستحق بها الخذلان، مع ايجاب التوكل عليه، الذي يؤمن معه أن يكلهم إلى أنفسهم فيهلكوا. قال أبو علي الجبائي: وفي الآية دليل على أن من غلبه أعداء الله من الباغين، لم ينصره الله، لأنه لو نصره لما غلبوه، وذلك بحسب ما في المعلوم من مصالح العباد، مع تعريض المؤمنين لمنازل الأبرار بالصبر على الجهاد، مع خوف القتل من حيث لم يجعل على أمان من غلبة الفجار، وهذا إنما هو في النصرة بالغلبة.
فأما النصرة بالحجة فإن الله نصر المؤمنين من حيث هداهم إلى طريق الحق، بما نصب لهم من الأدلة الواضحة، والبراهين القاطعة، ولولا ذلك لما حسن التكليف. وقال أبو القاسم البلخي: المؤمنون منصورون أبدا، إن غلبوا فهم المنصورون بالغلبة، وإن غلبوا فهم المنصورون بالحجة، ولا يجوز أن ينصر الله الكافر على وجه. وقال الجبائي: النصرة بالغلبة ثواب لأنه لا يجوز أن ينصر الله الظالمين من حيث لا يريد استعلاءهم بالظلم على غيرهم. وقال ابن الأخشيد: ليس بصواب، كيف تصرفت الحال، لأن الله تعالى أمرنا أن ننصر الفئة المبغي عليها، وقد لا تكون مستحقة للثواب. فأما الخذلان، فلا خلاف أنه عقاب. والخذلان هو الامتناع من المعونة على عدو في وقت الحاجة إليها، لأنه لو امتنع انسان من معونة من يستغني عن معونته، لم يكن خاذلا له.
(وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون [161]).
القراءة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم (أن يغل) بفتح الياء وضم الغين.
وقرأ الباقون بضم الياء، وفتح الغين.
الحجة: من قرأ (يغل) فمعناه: يخون. يقال: غل في الغنيمة يغل: إذا خان فيها. وأغل بمعناه. وقال النمر بن تولب: