عمير، ناس من ثقيف. فجاء الاسلام ولهما أموال عظيمة في الربا. فأنزل الله هذه الآية، فقال النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ": " على أن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب، وكل دم من دم الجاهلية موضوع، وأول دم أضعه دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب "، كان مرضعا في بني ليث فقتله هذيل.
وقال مقاتل: نزلت في أربعة أخوة من ثقيف: مسعود وعبد يا ليل وحبيب وربيعة، وهم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي، وكانوا يداينون بني المغيرة، وكانوا يربون. فلما ظهر النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " على الطائف، وصالح ثقيفا، أسلم هؤلاء الاخوة الأربعة، فطلبوا رباهم من بني المغيرة، واختصموا إلى عتاب بن أسيد، عامل رسول الله على مكة، فكتب عتاب إلى النبي بالقصة، فأنزل الله الآية.
المعنى: ثم بين سبحانه حكم ما بقي من الربا، فقال: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) في أمر. الربا، وفي جميع ما نهاكم عنه (وذروا ما بقي من الربا) أي:
واتركوا ما بقي من الربا، فلا تأخذوه، واقتصروا على رؤوس أموالكم. وقوله: (إن كنتم مؤمنين) معناه: من كان مؤمنا فهذا حكمه. فأما من ليس بمؤمن، فإنه يكون حربا. وقيل: معناه إن كنتم مؤمنين بتحريم الربا، مصدقين به، وبما فيه من المفسدة التي يعلمها الله (فإن لم تفعلوا) أي: فإن لم تقبلوا أمر الله، ولم تنقادوا له، ولم تتركوا بقية الربا بعد نزول الآية بتركه (فأذنوا بحرب من الله ورسوله) أي:
فأيقنوا واعلموا بقتال من الله ورسوله. والمعنى: أيقنوا أنكم تستحقون القتل في الدنيا، والنار في الآخرة، لمخالفة أمر الله ورسوله. ومن قرأ (فآذنوا): فمعناه فأعلموا من لم ينته عن ذلك بحرب. ومعنى الحرب: عداوة الله، وعداوة رسوله.
وهذا إخبار بعظم المعصية. وروي عن ابن عباس وقتادة والربيع أن من عامل بالربا، استتابه الإمام، فإن تاب وإلا قتله. وقال الصادق: آكل الربا يؤدب بعد البينة، فإن عاد أدب، وإن عاد قتل. (وإن تبتم) من استحلال الربا، وأقررتم بتحريمه (فلكم رؤوس أموالكم) دون الزيادة (لا تظلمون) بأخذ الزيادة على رأس المال (ولا تظلمون) بالنقصان من رأس المال.
(وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون [280]).