الدليل على أن الإحباط على هذا الوجه لا يجوز (وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) أي: دائمون.
النظم: نظم الآية وتقديرها يسألونك عن القتال في الشهر الحرام، وعند المسجد الحرام، فقل ذلك كبير، ولكن الكفر بالله، وصد المسلمين عن بيت الله ودينه، وإخراجهم عن أوطانهم، أعظم عند الله، وأكبر وزرا. وهؤلاء الكفار مع هذه الأفعال يقاتلونكم ليردوكم عن الدين، فكل واحد من هذا أعظم مما سألوا عنه.
(إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم [218]).
اللغة: الهجر: ضد الوصل، يقال هجره يهجره هجرانا، وهجرا وهجرة: إذا قطع مواصلته. وهجر المريض يهجر هجرا: إذا قال ما ينبغي أن يهجر من الكلام.
وسموا المهاجرين: لهجرتهم قومهم وأرضهم، وإنما أطلق على هؤلاء اللفظ الذي يقع على الاثنين، لأن كل واحد من هؤلاء فعل مثل فعل صاحبه، وترك ما تركه اختيارا لصحبة النبي. وجاهدت العدو مجاهدة وجهادا: إذا حملت نفسك على المشقة في قتاله. والرجاء: الأمل. وقوله: (ما لكم لا ترجون لله وقارا) أي: لا تخافون. وقال أبو ذؤيب:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها، * وخالفها في بيت نوب عوامل (1) أي: لم يخف، وذلك أن الرجاء للشئ معه الخوف من أن لا يكون، فلذلك سمي الخوف باسم الرجاء.
النزول: نزلت الآية في قصة عبد الله بن جحش وأصحابه لما قاتلوا في رجب، وقتل واقد السهمي ابن الحضرمي، فظن قوم أنهم إن سلموا من الإثم، فليس لهم أجر، فأنزل الله الآية فيهم بالوعد.
المعنى: (إن الذين آمنوا) أي: صدقوا الله ورسوله (والذين هاجروا) أي:
قطعوا عشائرهم، وفارقوا منازلهم، وتركوا أموالهم (وجاهدوا في سبيل الله) أي: