ذلك عن أبي جعفر " عليه السلام "، وأبي عبد الله " عليه السلام ".
(وترزق من تشاء بغير حساب) معناه: بغير تقتير، كما يقال: فلان ينفق بغير حساب، لأن من عادة المقتر أن لا ينفق إلا بحساب، ذكره الزجاج. وقيل: معناه بغير مخافة نقصان لما عنده، فإنه لا نهاية لمقدوراته. فما يؤخذ منها لا ينقصها، ولا هو على حساب جزء من كذا، كما يعطي الواحد منا العشرة من المائة، والمائة من الألف. وقيل: إن المراد بمن يشاء أن يرزقه، أهل الجنة، لأنه يرزقهم رزقا لا يتناوله الحساب، ولا العد، ولا الإحصاء، من حيث إنه لا نهاية له، ويطابقه قوله:
(فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب).
(لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير [28]).
القراءة: قرأ يعقوب وسهل: (تقية) وهو قراءة الحسن ومجاهد، والباقون:
(تقاة). وأمال الكسائي (تقاة). وقرأ نافع وحمزة بين التفخيم والإمالة. والباقون بالتفخيم.
الحجة: الأجود في (تقاة) التفخيم من أجل الحرف المستعلي، وهو القاف.
وإنما جازت الإمالة لتؤذن أن الألف منقلبة من الياء. وتقاة: وزنها فعلة نحو تؤدة وتخمة، فهما جميعا مصدرا اتقى تقية وتقاة واتقاء وتقوى، وأصله وقاء، إلا أن الواو المضمومة أبدلت تاء استثقالا لها، فإنهم يفرون من ضمة الواو إلى الهمزة، وإلى التاء. فأما التاء فلقربها من الواو مع أنها من حروف الزيادات. وأما الهمزة فلأنها نظيرتها في الطرف الآخر من مخارج الحروف مع حسن زيادتها أو لا. والتقية:
الإظهار باللسان خلاف ما ينطوي عليه القلب، للخوف على النفس.
الاعراب: معنى (من) ابتداء الغاية من قوله (من دون المؤمنين) على تقدير:
لا تجعلوا ابتداء الولاية مكانا دون المؤمنين، لأن مكان المؤمن الأعلى، ومكان الكافر الأدنى، كما تقول: زيد دونك، ولست تريد أن زيدا في موضع مستفل، أو أنه في موضع مرتفع، لكن جعلت الشرف بمنزلة الارتفاع. والخسة كالإستفال. وقوله: