(وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم) أي: أخبركم بالذي تأكلونه وتدخرونه، كأن يقول للرجل تغديت بكذا وكذا، ورفعت إلى الليل (1) كذا وكذا (إن في ذلك) أي: فيما ذكرت لكم (لآية) أي: حجة، ومعجزة، ودلالة (لكم إن كنتم مؤمنين) بالله إذ كان لا يصح العلم بمدلول المعجزة، إلا لمن آمن بالله، لأن العلم بالمرسل لا بد أن يكون قبل العلم بالرسول. وفي الآية دلالة على أن عيسى " عليه السلام " كان مبعوثا إلى جميع بني إسرائيل. وقوله: (أني أخلق لكم) يدل على أن العبد يحدث ويفعل ويخلق، خلافا لقول المجبرة، لكن الخالق على الإطلاق، هو الله تعالى.
(ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتم بأية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون [50] إن الله ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم [51]).
اللغة: الفرق بين التصديق والتقليد أن التصديق لا يكون إلا فيما تبرهن عند صاحبه. والتقليد قد يكون فيما لا يتبرهن. ولهذا لا نكون مقلدين للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم "، وإن كنا مصدقين له. والإحلال: هو الإطلاق للفعل بتحسينه. والتحريم: هو حظر الفعل بتقبيحه. والاستقامة: خلاف الإعوجاج.
الاعراب: (مصدقا): نصب على الحال وتقديره: وجئتكم مصدقا. لأن أول الكلام يدل عليه، ونظيره جئته بما يحب ومعرفا له، ولا يكون عطفا، لا على (وجيها) ولا (رسولا) لقوله: (لما بين يدي)، ولم يقل لما بين يديه. وقال أبو عبيدة: أراد بقوله: (بعض الذي حرم) كل الذي حرم، ويستشهد بقول لبيد:
تراك أمكنة إذا لم أرضها، * أو يعتلق بعض النفوس حمامها (2) قال: معناه أو تعتلق كل النفوس. وأنكر الزجاج ذلك، وقال: معناه أو تعتلق نفسي حمامها. وخطأ أبا عبيدة من وجهين أحدهما: إن البعض لا يكون بمعنى الكل