الحجة، وليس عليك أن لا يتولوا (والله بصير بالعباد) معناه هاهنا: إنه لا يفوته شئ من أعمالهم التي يجازيهم بها، لأنه يصير بهم أي: عالم بهم وبسرائرهم، لا يخفى عليه خافية. وقيل: معناه عالم بما يكون منك في التبليغ، ومنهم في الإيمان والكفر.
(إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم [21] أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين [22]).
القراءة: قرأ حمزة: (يقاتلون) بالألف. وقيل: إنما قرأها اتباعا لمصحف عبد الله بن مسعود، لأن فيه (وقاتلوا الذين يأمرون). والباقون: (يقتلون) وهي القراءة الظاهرة.
الاعراب: إنما دخلت الفاء في قوله (فبشرهم) لشبه الجزاء، وإنما لم يجز:
ليت الذي يقوم فيكرمك، وجاز: إن الذي يقوم فيكرمك، لأن الذي إنما دخلت الفاء في خبرها لما في الكلام من معنى الجزاء، وليت تبطل معنى الجزاء، وليس كذلك أن، لأنها بمنزلة الابتداء.
المعنى: لما قدم سبحانه ذكر الإحتجاج على أهل الكتاب، وحسن الوعد لهم إن أسلموا، وشدة الوعيد إن أبوا، فضل في هذه الآية كفرهم فقال: (إن الذين يكفرون) (1) أي: يجحدون حجج الله تعالى، وبيناته (ويقتلون النبيين) قيل: هم اليهود. فقد روي عن أبي عبيدة بن الجراح قال: قلت: يا رسول الله! أي الناس أشد عذابا يوم القيامة؟ فقال: " رجل قتل نبيا، أو رجلا أمر بمعروف، أو نهى عن منكر، ثم قرأ (ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس) ثم قال " عليه السلام ": يا أبا عبيدة! قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل، فأمروا من قتلهم