إلى (نخيل).
المعنى: (أيود أحدكم أن تكون له جنة) أي: بستان (من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار) أي: يشتمل على النخيل، والأعناب، والأنهار الجارية (له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر) أي: ولحقه الشيخوخة، وطعن في السن (وله ذرية ضعفاء) أي: أولاد صغار، ناقصو القوة (فأصابها) أي: أصاب تلك الجنة (إعصار) أي: ريح شديدة تهب من الأرض نحو السماء، مثل العمود، وتسميها الناس الزوبعة (فيه نار) أي: في ذلك الإعصار نار (فاحترقت) تلك الجنة.
وهذا مثل ضربه الله في الحسرة، بسلب النعمة. واختلف فيه على وجوه أحدها: إنه مثل المرائي في النفقة، لأنه ينتفع بها عاجلا، وينقطع عنه آجلا، أحوج ما يكون إليه، عن السدي.
وثانيها: إنه مثل للمفرط في طاعة الله تعالى بملاذ الدنيا، يحصل في الآخرة على الحسرة العظمى، عن مجاهد، والمراد به أن حاجته إلى الأعمال الصالحة، كحاجة هذا الكبير الذي له ذرية ضعفاء إلى ثمار الجنة، وقد احترقت. فيكون أعظم حسرة لأن الكبير الذي قد يئس من سعي الشباب في كسبه، فكان أضعف أملا وأشد حسرة، كذلك من لم يكن له في الآخرة عمل صالح، يوصله إلى الجنة، فحسرته مثل ذلك. وثالثها: إنه مثل للذي يختم عمله بفساد، عن ابن عباس. وكل هذه الوجوه تحتمله الآية (كذلك) أي: كهذا البيان الذي بين لكم في أمر الصدقة، وقصة إبراهيم، والذي مر على قرية، وجميع ما سلف (يبين الله لكم الآيات) أي:
الدلالات التي تحتاجون إليها في أمور دينكم (لعلكم تتفكرون) أي: تنظرون وتتفهمون.
يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد [267]).