يؤديها، وكتب لهم بذلك كتابا.
وروي أن الأسقف قال لهم: إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن ينزل جبلا من مكانه لأزاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا، ولا على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. وقال النبي: والذي نفسي بيده لو لاعنوني لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم الوادي عليهم نارا، ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا كلهم! قالوا: فلما رجع وفد نجران لم يلبث السيد والعاقب إلا يسيرا حتى رجعا إلى النبي، وأهدى العاقب له حلة وعصا وقدحا ونعلين، وأسلما.
المعنى: ثم رد الله تعالى على النصارى قولهم في المسيح أنه ابن الله، فقال:
(إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) أي: مثل عيسى في خلق الله إياه من غير أب، كمثل آدم في خلق الله إياه من غير أب، ولا أم، فليس هو بأبدع ولا أعجب من ذلك، فكيف أنكروا هذا وأقروا بذلك؟ ثم بين سبحانه كيف خلقه، فقال:
(خلقه) أي أنشأه (من تراب) وهذا إخبار عن آدم، ومعناه: خلق عيسى من الريح، ولم يخلق قبل أحدا من الريح، كما خلق آدم من التراب، ولم يخلق قبله أحدا من التراب (ثم قال له) أي: لآدم. وقيل: لعيسى (كن) أي: كن حيا بشرا سويا (فيكون) أي: فكان في الحال على ما أراد. وقد مر تفسير هذه الكلمة فيما قبل في سورة البقرة مشروحا.
وفي هذه الآية دلالة على صحة النظر والاستدلال، لأن الله احتج على النصارى، ودل على جواز خلق عيسى من غير أب، ولا أم. (الحق من ربك) أي: هذا هو الحق من ربك. أضاف إلى نفسه تأكيدا وتعليلا أي: هو الحق، لأنه من ربك (فلا تكن) أيها السامع (من الممترين) وقد مر تفسيره في سورة البقرة (فمن حاجك) معناه: فمن خاصمك وجادلك يا محمد (فيه) أي في قصة عيسى (من بعد ما جاءك من العلم) أي: من البرهان الواضح على أنه عبدي ورسولي، عن قتادة في معناه. وقيل: فمن حاجك في الحق. والهاء في (فيه) عائدة إلى قوله (الحق من ربك) (فقل) يا محمد لهؤلاء النصارى (تعالوا) إلى كلمة أي: هلموا إلى حجة أخرى ماضية فاصلة، تميز الصادق من الكاذب.
(ندع أبناءنا وأبناءكم): أجمع المفسرون على أن المراد بأبنائنا الحسن والحسين. قال أبو بكر الرازي: هذا يدل على أن الحسن والحسين ابنا رسول الله،