استوجبوا غضبا من الله (وضربت عليهم المسكنة) أي: الذلة لان المسكين لا يكون إلا ذليلا، فسمى الذلة مسكنة، عن أبي مسلم. وقيل: المراد به الفقر، لان اليهود أبدا يتفاقرون، وإن كانوا أغنياء. وقد ذكرنا تفسير ما بقي من الآية في سورة البقرة.
النظم: وجه اتصال الآية بما قبلها اتصال البشارة بالظفر، لما تقدم أمر المحاربة، لان الامر قد تقدم بإنكار المنكر. وقيل: إنه لما تقدم أن أكثرهم الفاسقون، اتصل به ما يسكن قلوب المؤمنين من عاديتهم، ويؤمن مضرتهم.
(* ليسوا سواء من أهل الكتب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون (113) يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسرعون في الخيرات وأولئك من الصالحين (114)).
اللغة: قيل في واحد آناء قولان أحدهما: إني مثل نحي (1)، والاخر: إني مثل معي، قال الشاعر:
حلو، ومر، كعطف القدح مرته، بكل إني قضاه الليل ينتعل (2) وحكى الأخفش: أنو بالواو. والمسارعة: المبادرة، وهي من السرعة.
والفرق بين السرعة والعجلة أن السرعة هي التقدم فيما يجوز أن يتقدم فيه، وهي محمودة. وضدها الابطاء، وهو مذموم. والعجلة: هي التقدم فيما لا ينبغي أن يتقدم فيه، وهي مذمومة، وضدها الأناة، وهي محمودة.
النزول: قيل: سبب نزول هذه الآية: أنه لما أسلم عبد الله بن سلام وجماعة، قالت أحبار اليهود: ما آمن بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا شرارنا. فأنزل الله: (ليسوا سواء) إلى قوله: (من الصالحين) عن ابن عباس وقتادة وابن جريج. وقيل: إنها نزلت في أربعين من أهل نجران، واثنين وثلاثين من الحبشة، وثمانية من الروم، كانوا على عهد عيسى عليه السلام، فصدقوا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، عن عطا.
المعنى: (ليسوا سواء) اختلفوا في تقديره، والقول الصحيح أن هذا وقف تام. وقوله: (من أهل الكتاب) ابتداء كلام، ومعناه: ليس الذين ذكرنا من أهل