(يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون 130 واتقوا النار التي أعدت للكافرين 131 وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون 132).
المعنى: لما ذكر سبحانه ان له التعذيب لمن يشاء، والمغفرة لمن يشاء، وصل ذلك بالنهي عما لو فعلوا لاستحقوا عليه العذاب، وهو الربا، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا) أي: صدقوا الله ورسوله (لا تأكلوا الربا) ذكر الأكل لأنه معظم الانتفاع، وإن كان غيره من التصرفات أيضا منهيا عنه. والرباء: الزيادة على أصل المال بالتأخير عن الاجل الحال. وقيل: هو ربا الجاهلية، عن عطا ومجاهد (أضعافا مضاعفة) قيل في معناه قولان أحدهما: أن يضاعف بالتأخير أجلا بعد أجل، كلما أخر عن أجل إلى غيره زيد زيادة على المال. والثاني: معناه تضاعفون به أموالكم، ويدخل فيه كل زيادة محرمة في المعاملة من جهة المضاعفة. ووجه تحريم الربا هو المصلحة التي علمها الله، وذكر فيه وجوه على وجه التقريب منها أنه للفصل بينه وبين البيع. ومنها أنه يدعو إلى العدل، ويحض عليه. ومنها أنه يدعو إلى مكارم الأخلاق بالاقراض، وانظار المعسر من غير زيادة، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام. وإنما أعاد تحريم الربا مع ما سبق ذكره في سورة البقرة لأمرين أحدهما: التصريح بالنهي عنه بعد الاخبار بتحريمه، لما في ذلك من تصريف الخطر له، وشدة التحذير منه. والثاني: لتأكيد النهي عن هذا الضرب منه الذي يجري على الاضعاف المضاعفة.
(واتقوا الله) أي: اتقوا معاصيه. وقيل: اتقوا عقابه بترك معاصيه (لعلكم تفلحون) لكي تنجحوا بادراك ما تأملونه، وتفوزوا بثواب الجنة (واتقوا النار) أي:
اتقوا الأفعال الموجبة لدخول النار (التي أعدت للكافرين) أي: هيئت واتخذت للكافرين. والوجه في تخصيص الكفار باعداد النار لهم أنهم معظم أهل النار، فهم العمدة في اعداد النار لهم، وغيرهم من الفاسقين يدخلونها على وجه التبع، فهو كقوله (1) (أعدت للمتقين). ومعلوم أنه قد يدخلها غير المتقين من الأطفال والمجانين. وقال الحسن: تخصيص الكفار باعداد النار لهم، لا يمنع من مشاركة