فيها، ولا يجوز إظهار أن في قوله ليذر من، (وما كان الله ليذر المؤمنين). والفرق بينهما أن اللام في (ليفسد) على أصل الإضافة في الكلام، واللام في (ليذر) لتأكيد النفي كما دخلت الباء في: ليس زيد بقائم.
النزول: قال ابن عباس: نزلت الآيات الثلاثة في المرائي، لأنه يظهر خلاف ما يبطن، وهو المروي عن الصادق " عليه السلام "، إلا أنه عين المعني به. وقال الحسن:
نزلت في المنافقين. وقال السدي: نزلت في الأخنس بن شريق، وكان يظهر الجميل بالنبي، والمحبة له، والرغبة في دينه، ويبطن خلاف ذلك.
المعنى: ثم بين سبحانه حال المنافقين بعد ذكره أحوال المؤمنين والكافرين فقال: (ومن الناس من يعجبك قوله) أي: تستحسن كلامه يا محمد ويعظم موقعه من قلبك (في الحياة الدنيا) أي: يقول آمنت بك، وأنا صاحب لك، ونحو ذلك (ويشهد الله على ما في قلبه) أي: يحلف بالله ويشهده على أنه مضمر ما يقول، فيقول: اللهم اشهد علي به وضميره على خلافه. (وهو ألد الخصام) أي: وهو أشد المخاصمين خصومة. ومن قال: إن الخصام مصدر، فمعناه وهو شديد الخصومة عند المخاصمة، جدل مبطل.
(وإذا تولى) أي: أعرض عن الحسن. وقيل: معناه ملك الأمر، وصار واليا، عن الضحاك. ومعناه: إذا ولي سلطانا جاز. وقيل: ولى عن قوله الذي أعطاه، عن أبن جريج. (سعى في الأرض) أي: أسرع في المشي من عندك.
وقيل: عمل في الأرض (ليفسد فيها) قيل: ليقطع الرحم، ويسفك الدماء، عن ابن جريج. وقيل: ليظهر الفساد، ويعمل المعاصي. (ويهلك الحرث والنسل) أي: البنات والأولاد. وذكر الأزهري أن الحرث النساء، والنسل الأولاد، لقوله (نساؤكم حرث لكم).
وروي عن الصادق " عليه السلام " ان الحرث في الموضع الدين، والنسل الناس.
(والله لا يحب الفساد) أي: العمل بالفساد. وقيل: أهل الفساد. وفيه دلالة على بطلان قول المجبرة: إن الله تعالى يريد القبائح، لأنه تعالى نفى عن نفسه محبة الفساد. والمحبة: هي الإرادة، لأن كل ما أحب الله أن يكون، وما لا يحب أن يكون، لا يريد أن يكون.
(وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه، جهنم ولبئس