قاتلوا الكفار في طاعة الله التي هي سبيله المشروعة لعباده. وإنما جمع بين هذه الأشياء لبيان فضلها، والترغيب فيها، لا لأن الثواب لا يستحق على واحد منها على الانفراد (أولئك يرجون رحمة الله) أي: يأملون نعمة الله في الدنيا، والعقبى:
وهي النصرة في الدنيا، والمثوبة في العقبى (والله غفور) يغفر ذنوبهم (رحيم) يرحمهم. وإنما ذكر لفظ الرجاء للمؤمنين، وإن كانوا يستحقون الثواب قطعا ويقينا، لأنهم لا يدرون ما يكون منهم في المستقبل: الإقامة على طاعة الله، أو الانقلاب عنها إلى معصية الله. ووجه آخر وهو الصحيح وهو: أن يرجوا رحمة الله في غفران معاصيهم التي لم يتفق لهم التوبة منها، واخترموا دونها، فهم يرجون أن يسقط الله عقابها عنهم، تفضلا. فأما الوجه الأول: فإنما يصح على مذهب من يجوز أن يكفر المؤمن بعد إيمانه، أو يفعل في المستقبل كبيرة تحبط ثواب إيمانه. وهذا لا يصح على مذهبنا في الموافاة.
وقال الحسن: أراد به ايجاب الرجاء والطمع على المؤمنين، لأن رجاء رحمة الله من أركان الدين، واليأس من رحمته كفر، كما قال: (ولا ييأس من روح الله) الآية. والأمن من عذابه خسران كما قال: (ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) فمن الواجب على المؤمن أن لا ييأس من رحمته، وأن لا يأمن من عقوبته، ويؤيده قوله تعالى (يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه)، وقوله: (يدعون ربهم خوفا وطمعا) وليس في الآية دلالة على أن من مات مصرا على كبيرة لا يرجو رحمة الله لأمرين أحدهما: إن الدليل المفهوم غير صحيح عند أكثر المحصلين. والآخر: إنه. قد يجتمع عندنا الإيمان والهجرة والجهاد مع ارتكاب الكبيرة، ولا يخرج من هذه صورته عن تناول الآية له.
النظم: وجه اتصال هذه الآية بما قبلها أنه لما ذكر في الأولى العذاب، ذكر بعدها الثواب. ليكون العبد بين الخوف والرجاء إذ ذاك أحق بتدبير الحكماء، وأوكد في الاستدعاء.
(* يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك