وقد روي عن الصادق " عليه السلام " أن إبراهيم " عليه السلام " قال له: أحي من قتلته إن كنت صادقا! ثم استظهر عليه مما قاله ثانيا. (فبهت الذي كفر) أي: تحير عند الانقطاع بما بان من ظهور الحجة. فإن قيل: فهلا قال له نمرود: فليأت بها ربك من المغرب؟ قيل عن ذلك جوابان أحدهما: إنه لما علم بما رأى من الآيات، أنه لو اقترح ذلك لأتى به الله تصديقا لإبراهيم، فكان يزداد بذلك فضيحة، عدل عن ذلك. والثاني: إن الله خذله. ولطف لإبراهيم حتى إنه لم يأت بشبهة، ولم يلبس.
(والله لا يهدي القوم الظالمين) بالمعونة على بلوغ البغية من الفساد. وقيل:
معناه لا يهديهم إلى المحاجة، كما يهدي أنبياءه وأولياءه. وقيل: معناه لا يهديهم بألطافه وتأييده إذا علم أنه لا لطف لهم. وقيل: لا يهديهم إلى الجنة. وهذا لا يعارض قوله: (فأما ثمود فهديناهم) لأنا قد بينا معاني الهداية ووجوهها قبل عند قوله: (يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا) فبعضها عام لجميع المكلفين، وبعضها خاص للمؤمنين.
وفي هذه الآية دلالة على أن المعارف غير ضرورية، إذ لو كانت كذلك لما صحت المحاجة في إثبات الصانع. وفيها دلالة على فساد التقليد، وحسن الحجاج، وأنه تعالى إنما يعلم بأفعاله التي لا يقدر عليها غيره. وفي تفسير ابن عباس: إن الله سبحانه سلط على نمرود بعوضة، فعضمت شفتيه، فأهوى إليها بيده ليأخذها، فطارت في منخره، فذهب ليستخرجها، فطارت في دماغه، فعذبه الله بها أربعين ليلة، ثم أهلكه.
(أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ونجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شئ قدير [259]).
القراءة: قرأ أبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي: (لبت) بالإدغام.