مسلم، قال: والعرب تعبر بالرقبة والعنق عن جميع البدن، ألا ترى إلى قوله:
(فتحرير رقبة). ويروى عن ابن عباس أيضا: أن المراد بالآية الذين يبخلون ببيان صفة محمد " صلى الله عليه وآله وسلم "، والفضل هو التوراة التي فيها صفته. والأول أليق بسياق الآية.
(ولله ميراث السماوات والأرض) معناه: يموت من في السماوات والأرض، ويبقى تعالى هو، جل جلاله، لم يزل ولا يزال، فيبطل ملك كل مالك إلا ملكه.
وقد تضمنت الآية الحث على الانفاق، والمنع عن الإمساك من قبل أن الأموال إذا كانت بمعرض الزوال إما بالموت أو بغيره من الآفات، فأجدر بالعاقل أن لا يبخل بإنفاقه، ولا يحرص على إمساكه، فيكون عليه وزره، ولغيره نفعه. (والله بما تعملون خبير) هذا تأكيد للوعد والوعيد في إنفاق المال، لإحراز الثواب والأجر، والسلامة من الإثم والوزر.
النظم: الوجه في اتصال الآية بما قبلها هو: أنهم كما بخلوا بالجهاد بخلوا بالإنفاق والزكاة، عن علي بن عيسى. وقيل: إنهم مع ما تقدم من أحوالهم كتموا أمر محمد " صلى الله عليه وآله وسلم "، وبخلوا ببيانه.
(لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق [181] ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد [182]).
القراءة: قرأ حمزة: (سيكتب) بضم الياء، (وقتلهم، بالرفع، (ويقول) بالياء. وقرأ الباقون: (سنكتب) بالنون، (وقتلهم) بالنصب، (ونقول) بالنون.
الحجة: الوجه في قراءة من قرأ (سنكتب): أن النون هاهنا بعد الاسم الموضوع للغيبة فهو مثل قوله (بل الله مولاكم) ثم قال: (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب) ولو قال: سيكتب بالياء، لكان في الإفراد كقوله: (وقذف في قلوبهم الرعب) وقوله: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي). وقوله: (ونقول):
معطوف على (سنكتب)، والوجه في قراءة حمزة (وقتلهم) أنه عطف على ما قالوا، وهو في موضع رفع. ومن قال (وقتلهم): فإنه عطفه على ما قالوا أيضا، وهو في موضع نصب بأنه مفعول به.