" وهل يأتمر ذو أمة وهو طائع " أي: ذو طريقة من طرائق الدين.
قال علي بن عيسى: وهذا القول ضعيف لأنه عدول عن الظاهر. وحكم بالحذف من غير دلالة. (يتلون آيات الله): يقرأون كتاب الله وهو القرآن (آناء الليل) ساعاته وأوقاته، عن الحسن والربيع. وقيل: يعني جوف الليل، عن السدي. وقيل: أراد به وقت صلاة العتمة، لان أهل الكتاب لا يصلونها، يعني أنهم يصلون صلاة العتمة، عن ابن مسعود. وقيل: إنه الصلاة ما بين المغرب والعشاء الآخرة، عن الثوري، وهي الساعة التي تسمى ساعة الغفلة.
(وهم يسجدون) قيل: أراد السجود المعروف في الصلاة. فعلى هذا يكون معناه: وهم مع ذلك يسجدون، ويكون الواو لعطف جملة على جملة. وقيل: معناه يصلون بغير السجود، فعبر بالسجود عن الصلاة، لان السجود أبلغ الأركان في التواضع، عن الزجاج والفراء والبلخي، قالوا: لان القراءة لا تكون في السجود، ولا في الركوع. وعلى هذا يكون الواو للحال أي: يتلون آيات الله بالليل في صلاتهم، هو قول الجبائي أيضا.
(يؤمنون بالله) أي: بتوحيده وصفاته (واليوم الآخر) المتأخر عن الدنيا، يعني البعث يوم القيامة. (ويأمرون بالمعروف) بالاقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، (وينهون عن المنكر) عن إنكار نبوته. (ويسارعون في الخيرات) أي: يبادرون إلى فعل الخيرات والطاعات، خوف الفوات بالموت. وقيل: معناه يعملون الأعمال الصالحة غير متثاقلين فيها، لعلمهم بجلالة موقعها، وحسن عاقبتها.
(وأولئك من الصالحين) أي: من جملتهم، وفي عدادهم. وهذا نفي لقولهم: " ما آمن به إلا شرارنا ". وفي هذه الآية دلالة على عظم موقع صلاة الليل من الله تعالى. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " ركعتان يركعهما العبد في جوف الليل الأخير، خير له من الدنيا وما فيها، ولولا أني أشق على أمتي لفرضتها عليهم ". وقال أبو عبد الله: إن البيوت التي يصلى فيها بالليل بتلاوة القرآن، تضئ لأهل السماء، كما تضئ نجوم السماء لأهل الأرض. وقال عليه السلام: عليكم بصلاة الليل، فإنها سنة نبيكم، ودأب الصالحين قبلكم، ومطردة الداء عن أجسادكم.
(وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين (115)).