ومعناه: صرتم خير أمة خلقت لأمركم بالمعروف، ونهيكم عن المنكر، وإيمانكم بالله. فتصير هذه الخصال على هذا القول شرطا في كونهم خيرا. وقد روي عن بعض الصحابة أنه قال: من أراد أن يكون خير هذه الأمة، فليود شرط الله فيه من الايمان بالله، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
واختلف في المعني بالخطاب فقيل: هم المهاجرون خاصة، عن ابن عباس والسدي. وقيل: نزلت في ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة، عن عكرمة. وقيل: أراد بهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة، عن الضحاك. وقيل: هو خطاب للصحابة، ولكنه يعم سائر الأمة. ثم ذكر مناقبهم فقال (تأمرون بالمعروف) بالطاعات (وتنهون عن المنكر) عن المعاصي.
ويسأل فيقال: إن القبيح أيضا يعرف أنه قبيح، فلم خص الحسن باسم المعروف؟ وجوابه: إن القبيح جعل بمنزلة ما لا يعرف لخموله وسقوطه، وجعل الحسن بمنزلة النبيه الجليل القدر، يعرف لنباهته، وعلو قدره. (وتؤمنون بالله) أي بتوحيده وعدله ودينه (ولو آمن أهل الكتاب) أي: لو صدقوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبما جاء به (لكان خيرا لهم) أي: لكان ذلك الايمان خيرا لهم في الدنيا والآخرة، لأنهم ينجون بها في الدنيا من القتل، وفي الآخرة من العذاب، ويفوزون بالجنة.
(منهم) أي: من أهل الكتاب (المؤمنون) أي: المعترفون بما دلت عليه كتبهم من صفة نبينا، والبشارة به كعبد الله بن سلام وأصحابه من اليهود، والنجاشي وأصحابه من النصارى. (وأكثرهم الفاسقون) أي: الخارجون عن طاعة الله تعالى. وإنما وصفهم بالفسق دون الكفر الذي هو أعظم، لان الغرض الايذان بأنهم خرجوا عما يوجبه كتابهم من الاقرار بالحق في نبوة نبينا. وقيل: لأنهم في الكفار بمنزلة الفساق العصاة، لخروجهم إلى الحال الفاحشة التي هي أشنع. وأفظع.
(لن يضروكم إلا أذى وإن يقتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون (111) ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباء و بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (112)).