أي: علامة لوقت الحمل والولد. فجعل الله تعالى تلك العلامة في إمساك لسانه عن الكلام إلا إيماء من غير آفة حدئت فيه بقوله: (قال آيتك) أي: قال الله. ويحتمل أن يكون المراد قال جبرائيل آيتك أي: علامتك (أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا) أي: إيماء، عن قتادة. وقيل: الرمز تحريك الشفتين، عن مجاهد. وقيل:
أراد به صوم ثلاثة أيام، لأنهم كانوا إذا صاموا لم يتكلموا إلا رمزا، عن عطا (1).
(واذكر ربك كثيرا) أي: في هذه الأيام الثلاثة ومعناه: إنه لما منع من الكلام، عرف أنه لم يمنع من الذكر لله تعالى، والتسبيح له، وذلك أبلغ في الإعجاز. (وسبح) أي: نزه الله. وأراد التسبيح المعروف. وقيل: معناه صل كما يقال: فرغت من سبحتي أي: صلاتي. (بالعشي والإبكار) في آخر النهار وأوله.
(وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين [42] يا مريم اقنتي لربك واركعي مع الراكعين [43]).
المعنى: قدم تعالى ذكر امرأة عمران، وفضل بنتها على الجملة. ثم ذكر تفصيل تلك الجملة فقال: (وإذ قالت الملائكة) إذ هذه معطوفة على (إذ) في قوله: (إذ قالت امرأة عمران) أو يكون معناه: اذكر إذ قالت الملائكة. وقيل: يعني جبريل وحده (يا مريم إن الله اصطفاك) أي: اختارك وألطف لك، حتى تفرغت لعبادته، واتباع مرضاته. وقيل: معناه اصطفاك لولادة المسيح، عن الزجاج (وطهرك) بالإيمان عن الكفر، وبالطاعة عن المعصية، عن الحسن وسعيد بن جبير. وقيل: طهرك من الأدناس والأقذار التي تعرض للنساء من الحيض والنفاس، حتى صرت صالحة لخدمة المسجد، عن الزجاج. وقيل: طهرك من الأخلاق الذميمة، والطبائع الردية (واصطفاك على نساء العالمين) أي: على نساء عالمي زمانك، لأن فاطمة بنت رسول الله، صلى الله عليها، وعلى أبيها، وبعلها وبنيها، سيدة نساء العالمين، وهو قول أبي جعفر " عليه السلام ". وروي عن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أنه قال:
" فضلت خديجة على نساء أمتي، كما فضلت مريم على نساء العالمين ". وقال أبو جعفر: معنى الآية اصطفاك من ذرية الأنبياء، وطهرك من السفاح. اصطفاك لولادة