ليس بعاص من طفل أو بهيم أو نحوهما. العراب: قوله (خلقه من تراب): لا موضع له من الإعراب، لأنه لا يصلح أن يكون صفة لآدم، من حيث هو نكرة ولا يكون حالا له، لأنه ماض، فهو متصل في المعنى غير متصل في اللفظ بعلامة من علامات الاتصال. فيكون الرفع على تقدير: فهو يكون. والحق: رفع لأنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره: ذلك الإخبار في أمر عيسى الحق من ربك. فحذف ذلك دلالة شاهد الحال عليه، كما يقال: الهلال والله أي: هذا الهلال. وقيل: الحق مبتدأ، وخبره قوله: (من ربك).
النزول: قيل نزلت الآيات في وفد نجران: العاقب والسيد ومن معهما، قالوا لرسول الله: هل رأيت ولدا من غير ذكر؟ فنزل: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) الآيات. فقرأها عليهم، عن ابن عباس وقادة والحسن. فلما دعاهم رسول الله إلى المباهلة، استنظروه إلى صبيحة غد من يومهم ذلك. فلما رجعوا إلى رجالهم، قال لهم الأسقف: انظروا محمدا في غد، فإن بولده وأهله، فاحذروا مباهلته.
وإن غدا بأصحابه فباهلوه، فإنه على غير شئ.
فلما كان الغد جاء النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " آخذا بيده علي بن أبي طالب " عليه السلام "، والحسن " عليه السلام "، والحسين " عليه السلام " بين يديه يمشيان، وفاطمة " عليها السلام " تمشي خلفه، وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم. فلما رأى النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " قد أقبل بمن معه سأل عنهم، فقيل له: هذا ابن عمه، وزوج ابنته، وأحب الخلق إليه. وهذان ابنا بنته من علي " عليه السلام ". وهذه الجارية بنته فاطمة، أعز الناس عليه، وأقربهم إلى قلبه.
وتقدم رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " فجثا على ركبتيه. قال أبو حارثة الأسقف: جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة فكع (1) ولم يقدم على المباهلة. فقال السيد: أدن يا أبا حارثة للمباهلة. فقال: لا إني لأرى رجلا جريئا على المباهلة، وأنا أخاف أن يكون صادقا، ولئن كان صادقا لم يحل والله علينا الحول، وفي الدنيا نصراني يطعم الماء!
فقال الأسقف: يا أبا القاسم! إنا لا نباهلك، ولكن نصالحك فصالحنا على ما ينهض به. فصالحهم رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " على ألفي حلة من حلل الأواقي، قسمة كل حلة أربعون درهما، فما زاد أو نقص، فعلى حساب ذلك، وعلى عارية ثلاثين درعا، وثلاثين رمحا،. ثلاثين فرسا، إن كان باليمن كيد، ورسول الله ضامن حتى