القراءة: قرأ أبو جعفر والأعشى والبرجمي عن أبي بكر عن عاصم: (ألم الله) بسكون الميم وقطع همزة الله. وقرأ الباقون موصولا، وبفتح الميم. وروي في الشواذ عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وإبراهيم النخعي والأعمش وعن زيد بن علي بن الحسين، وعن جعفر بن محمد الصادق، وعن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ": (الحي القيام). وروي عن الحسن: (الإنجيل) بفتح الهمزة.
الحجة: قال أبو علي: اتفاق الجميع على اسقاط الألف الموصولة في اسم الله تعالى، دل على أن الميم ساكنة، كما أن سائر حروف التهجي مبنية على الوقف.
فلما التقت الميم الساكنة، ولام التعريف، حركت الميم بالفتح للساكن الثالث الذي هو لام التعريف. والدليل على أن التحريك للساكن الثالث، وهو مذهب سيبويه أن حروف التهجي يجتمع فيها الساكنان، نحو: حاميم عين سين قاف. وذلك أنها مبنية على الوقف، كما أن أسماء العدد كذلك. فحركت الميم للساكن الثالث بالفتح، كما حركت النون في قوله (من الله) بالفتح لالتقاء الساكنين.
وأما من قطع الألف فكأنه قدر الوقف على الميم، واستأنف فقطع الهمزة لابتدائه بها. وأما (القيام): فقد قال ابن جني إنه صفة على فيعال من قام يقوم، ومثله من الصفة الغيداق، وأصله من القيوام. التقت الواو والياء، وسبقت الأولى بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغم فيها الياء. وقراءة الجماعة (القيوم): فيعول من هذا أيضا. وأما (الإنجيل) بفتح الهمزة، فمثال غير معروف النظير في كلامهم، لأنه ليس في كلامهم أفعيل بفتح الهمزة. ولو كان أعجميا لكان فيه ضرب من الحجاج، لكنه عندهم عربي، وهو أفعيل من نجل ينجل: إذا أثار واستخرج. ومنه نجل الرجل لولده، لأنه استخرجهم من صلبه، ومن بطن امرأته. قال الأعشى:
أنجب أزمان والداه به * إذ نجلاه فنعم ما نجلا (1) أي: أنجب والداه أزمان إذ نجلاه. ففصل بين المضاف الذي هو أزمان، وبين المضاف إليه الذي هو إذ كقولهم: حينئذ ويومئذ، بالفاعل. وقيل له (إنجيل) لأن به يستخرج علم الحلال والحرام، كما قيل توراة وهي فوعلة من وري الزند: إذا قدح، وأصله ووراة، فأبدلت الواو التي هي الفاء تاء، كما قالوا: التجاه والتخمة والتكلان والتراث، من الوجه والوخامة والوكل والوراثة. فهي من ورى الزند: إذا