مثليكم وإن كان قد جاء: (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون) ورأيت هنا هي المتعدية إلى مفعول واحد، ويدل على ذلك تقييده برأي العين. وإذا كان كذلك كان انتصاب (مثليهم) على الحال، لا على أنه مفعول ثان. وأما مثل فقد يفرد في موضع التثنية والجمع، فمن الإفراد في التثنية قوله:
(وساقيين مثل زبل وجعل) (1). ومن إفراده على الجمع قوله: (إنكم إذا مثلهم) ومن جمعه قوله (ثم لا يكونوا أمثالكم). ومن قرأ (ترونهم): فللخطاب الذي قبله وهو قوله: (قد كان لكم آية ترونهم مثليهم). فالضمير في (ترونهم) للمسلمين.
والضمير المنصوب للمشركين أي: ترون أيها المسلمون المشركين مثلي المسلمين.
فأما قراءة ابن عباس (يرونهم) فوجهه ما قاله ابن جني: إن أريت وأرى أقوى في اليقين من رأيت، تقول: أرى أن سيكون كذا أي: هذا غالب ظني. وأرى أن سيكون كذا أي: أعلمه، وأتحققه.
اللغة: قد ذكرنا معنى الفئة عند قوله: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة) والالتقاء والتلاقي والاجتماع واحد. والأيد: القوة، ومنه قوله تعالى (وداود ذا الأيد) يقال: إدته أئيده أيدا أي: قويته وأيدته أؤيده تأييدا بمعناه. والعبرة: الآية، يقال: اعتبرت بالشئ اعتبارا وعبرة. والعبور: النفوذ من أحد الجانبين إلى الآخر، وسميت الآية عبرة، لأنه يعبر عنها من منزل العلم إلى منزل الجهل. والمعتبر بالشئ: تارك جهله، وواصل إلى علمه بما رأى. والعبارة: الكلام يعبر بالمعنى إلى المخاطب. والعبارة: تفسير الرؤيا. والتعبير: وزن الدراهم وغيرها. والعبرة:
الدمعة. وأصل الباب: النفوذ.
الاعراب: قوله (فئة) تحتمل ثلاثة أوجه من الإعراب: الرفع على الاستئناف بتقدير منهم فئة كذا، وأخرى كذا. والجر على البدل، والنصب على الحال، كقول كثير:
وكنت كذي رجلين: رجل صحيحة، * ورجل رمى فيها الزمان، فشلت أنشد بالرفع والجر، وقال ابن مفرغ:
وكنت كذي رجلين: رجل صحيحة، * ورجل رماها صائب الحدثان