جريج. وقيل: بل كل من احتج بالمتشابه لباطله، فالآية فيه عامة، كالحرورية والسبائية (1)، عن قتادة.
(وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) أي: الثابتون في العلم، الضابطون له، المتقنون فيه. واختلف في نظمه وحكمه على قولين أحدهما: إن الراسخون معطوف على الله بالواو، على معنى إن تأويل المتشابه لا يعلمه إلا الله، وإلا الراسخون في العلم، فإنهم يعلمونه و (يقولون) على هذا في موضع النصب على الحال، وتقديره قائلين (آمنا به كل من عند ربنا) كقول ابن المفرغ الحميري:
الريح تبكي شجوة، * والبرق يلمع في غمامة أي: والبرق يبكي أيضا لامعا في غمامة. وهذا قول ابن عباس والربيع، ومحمد بن جعفر بن الزبير، واختيار أبي مسلم، وهو المروي عن أبي جعفر " عليه السلام " فإنه قال: كان رسول الله أفضل الراسخين في العلم، قد علم جميع ما أنزل الله عليه من التأويل والتنزيل، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله، وهو وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله.
ومما يؤيد هذا القول إن الصحابة والتابعين أجمعوا على تفسير جميع آي القرآن، ولم نرهم توقفوا على شئ منه، ولم يفسروه بأن هذا متشابه لا يعلمه إلا الله. وكان ابن عباس يقول في هذه الآية: أنا من الراسخين في العلم.
والقول الآخر: إن الواو في قوله (والراسخون) واو الاستئناف فعلى هذا القول، يكون تأويل المتشابه لا يعلمه إلا الله تعالى، والوقف عند قوله (وما يعلم تأويله إلا الله) ويبتدي (والراسخون في العلم يقولون آمنا به) فيكون مبتدأ وخبرا.
وهذا قول عائشة، وعروة بن الزبير، والحسن ومالك، واختيار الكسائي والفراء والجبائي وقالوا: إن الراسخين لا يعلمون تأويله، ولكنهم يؤمنون به. فالآية راجعة على هذا التأويل إلى العلم بمدة أكل هذه الأمة، ووقت قيام الساعة، وفناء الدنيا، ووقت طلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى وخروج الدجال، ونحو ذلك مما استأثر الله بعلمه، ويكون التأويل على هذا القول بمعنى المتأول كقوله (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله) يعني الموعود به. وقوله (كل، من عند ربنا): معناه