والخادم وأضرابهم والعامة التي مع سائر الناس وحقها أن تكون بالمعروف وهو مع الأبوين أن يبرهما بالاحسان عوضا عن عظيم حقهما عليه في الوجود وكمالاته فالعقوق من الكباير كما سلف لا سيما عقوق الأم إذ حملته كرها ووضعته كرها فورد عن النبي صلى الله عليه وآله أن برها ضعفان على الوالد و في رواية ثلاثة أضعاف وهو مما يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال غير أن حق الأب أقرب إلى الروحانية فاللائق أن يكون أكثر بره التعظيم والتوقير والأم إلى الجسمانية فيكون أكثر برها العطاء والمسامحة بالمال إلا أن يشاءا غير ذلك فيتبع رضاهما ويراعى مقدما على المندوبات عند التعارض ابتداء واستدامة فلو دعواه لم يجز له التلبس بالنافلة ولو تلبس بها ثم دعواه قطعها وأجاب على قول ولا حق لهما في الواجبات لا سيما المضيقة فلو منعا عنها لم يجز القبول فإن الله غالب على أمره قال الله سبحانه وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وفي تقديمه على المندوبات ايذان بأنه أفضل منها مطلقا فيحتمل أن يكون هو المراد بما ورد في النبوي وغيره أن بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله أي من مندوباتها والأوجه ما أشرنا إليه في حديث الربا فتذكر وينبغي أن يستأذن عند الدخول عليهما لا سيما في العورات الثلاث حذرا عن سوء الأدب بالتهجم وعن أبي عبد الله (ع) يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه ولا يستأذن الأب على الابن ويستأذن الرجل على ابنته وأخته إذا كانتا متزوجتين وفي آخر أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وآله استأذن على أمي قال نعم قال إنه ليس لها خادم غيري أفأستأذن عليها كلما دخلت قال أتحب أن تراها عريانة قال الرجل لا قال فاستأذن عليها وورد إنما الإذن على البيوت ليس على الدار إذن ويصلي عليهما بعد وفاتهما ويستغفر لهما وينفذ عهودهما ووصاياهما وديونهما ولو من ماله وعن أبي جعفر (ع) إن العبد ليكون بارا بوالديه في حياتهما ثم يموتان فلا يقضي عنهما ولا يستغفر لهما فيكتبه الله (تع) عاقا وأنه ليكون عاقا لهما في حياتهما غير بار بهما فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما فيكتبه الله بارا ويكرم أصدقائهما فورد في النبوي أن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه ويتصدق لهما فورد فيه أيضا ما على أحد إذا أراد أن يتصدق بصدقة أن يجعلها لوالديه إذا كانا مسلمين فيكون لوالديه أجرها ويكون له مثل أجورهما من غير أن ينقص من أجورهما شئ ويزور كلا منهما حيا وميتا فورد في عدة أخبار نبوية وغيرها أنهما يفرحان بذلك ويأنسان به وأن من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة بتحريك العين أو سكونه غفر له وكتب له براءة أي من النار أو من جميع الأهوال ويطلب حاجته ثمة كما يأتي ويقطع لسان السفيه عنهما حيين وميتين ولو بماله فهو من البر المندوب إليه ويراعي حق المعلم كما يراعي حق الأبوين ويقدم حق المعلم على حقهما عند التعارض فهما سبب وجود البدن وهو سبب حياة الروح كما سبق ولا يناديه أو يقرع باب داره إذا أتاه فوجده مسدودا بل يمكث إلى أن يفتح ويؤذن له فورد في التنزيل ولو أنهم صبروا حتى يخرج إليهم لكان خيرا لهم حين كانوا ينادونه صلى الله عليه وآله من رواء الحجرات و في الحديث إنما مثل العالم مثل النخلة تنتظرها متى يسقط عليك منها شئ ويصل الرحم وهو المعروف بنسبه ولو بعيدا بما أمكن في الوقت من عطاء مباشرة أو تسبيبا ودعاء وكف أذى ونحوها فورد في النبوي أن أعجل الطاعة ثوابا صلة الرحم وفي حديث آخر من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه وفي آخر بلوا الأرحام ولو بالسلام قال في النهاية أي ندوها بصلتها وهم يطلقون النداوة على الصلة كما يطلقون اليبس على القطيعة ولأنهم رأوا بعض الأشياء يتصل ويختلط بالنداوة ويحصل بينهما التجافي والتفرق باليبس فاستعاروا البل لمعنى الوصل واليبس لمعنى القطيعة وقد سبق بعض القول فيه في كتاب الطهارة ولا يتجاور القريب فهو يوجب الملال ويرفع الحرمة ويورث إحاطة العلم بالأحوال وربما يتحرك بذلك عرق الحسد المستكن في الأقارب والتوارد على المقاصد والتزاحم على الحقوق وينجر ذلك إلى القطيعة وهي نقيض المطلوب ويزوره غبا كساير الإخوان ويراعى حق الكبير كحق الأبوين في التوقير والبر والصغير كالولد في الرأفة والشفقة والمثل كالأخ في النصيحة والود ويشتريه إن كان مملوكا ليعتق قهرا أو اختيارا فإن تخليصه من ذل الرق من أكمل الصلة لأنه ايجاد له كما سلف لا سيما الوالدين فهو قضاء حقهما عليه بالايجاد وفي النبوي لن يجزي ولد والده حتى يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه وزيد في غيره ويكون عليه دين فيقضيه عنه ويبالغ في استرضاء الجار بالتحرز عما يكرهه وإماطة الغبار عن قلبه فورد عن النبي صلى الله عليه وآله ما زال جبرئيل يوصيني في الجار حتى ظننت أنه سيورثه وورد في حده في الحسن عن أبي جعفر (ع) والصحيح عن أبي عبد الله (ع) حد الجوار أربعون دارا من كل جانب من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ولم يطلع عليها بعض الأصحاب فنسب القول بذلك إلى الشذوذ وروايته إلى العامة واختار الرجوع إلى العرف وهو غير جيد كالقول بالأربعين ذراعا من كل ناحية ويحترز عن النظر إلى بيته فإنه من الايذاء المنهي عنه وقد نهي عنه بالخصوص في مناهي النبي صلى الله عليه وآله واجراء الميزاب إليه بدون إذنه وإن لم يتضرر بذلك ووضع السارية والجذع على حايطه كذلك والقاء الكناسة في فنائه وقرب حايطه وعلى الجار أن لا يمنع شيئا من ذلك وعليه يحملها ما ورد في النبوي لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبته في حايطه ولا يمنع عنه الريح والضوء بوقع البناء و سد الشباك ونحوهما ولا حوائج البيت المستوهبة نحو الماء والملح والنار أو المستعارة نحو الماعون ومنه كتب العلم ويرسل إليه سهما من ثمرة يشتريها أو تهدى إليه أو يخفيها عنه ولا يخرج بها ولده ليغيظ بها ولده ولا يبلغه ريح القدر إلا أن يرسل له منه فإن كان لا يسعهم جميعا بدأ بالمقبل ببابه عليه كما في حديث عايشة ويهذب أخلاق أهل البيت من النساء والأولاد والخدم ما أمكن بالرياضة والتأديب والتعليم والتمرين بالخير لا سيما الولد المراهق فهو أحوج إليه وأيسر قبولا له بسبب استكمال
(٣٢٩)