التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣٢٩
والخادم وأضرابهم والعامة التي مع سائر الناس وحقها أن تكون بالمعروف وهو مع الأبوين أن يبرهما بالاحسان عوضا عن عظيم حقهما عليه في الوجود وكمالاته فالعقوق من الكباير كما سلف لا سيما عقوق الأم إذ حملته كرها ووضعته كرها فورد عن النبي صلى الله عليه وآله أن برها ضعفان على الوالد و في رواية ثلاثة أضعاف وهو مما يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال غير أن حق الأب أقرب إلى الروحانية فاللائق أن يكون أكثر بره التعظيم والتوقير والأم إلى الجسمانية فيكون أكثر برها العطاء والمسامحة بالمال إلا أن يشاءا غير ذلك فيتبع رضاهما ويراعى مقدما على المندوبات عند التعارض ابتداء واستدامة فلو دعواه لم يجز له التلبس بالنافلة ولو تلبس بها ثم دعواه قطعها وأجاب على قول ولا حق لهما في الواجبات لا سيما المضيقة فلو منعا عنها لم يجز القبول فإن الله غالب على أمره قال الله سبحانه وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وفي تقديمه على المندوبات ايذان بأنه أفضل منها مطلقا فيحتمل أن يكون هو المراد بما ورد في النبوي وغيره أن بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله أي من مندوباتها والأوجه ما أشرنا إليه في حديث الربا فتذكر وينبغي أن يستأذن عند الدخول عليهما لا سيما في العورات الثلاث حذرا عن سوء الأدب بالتهجم وعن أبي عبد الله (ع) يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه ولا يستأذن الأب على الابن ويستأذن الرجل على ابنته وأخته إذا كانتا متزوجتين وفي آخر أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وآله استأذن على أمي قال نعم قال إنه ليس لها خادم غيري أفأستأذن عليها كلما دخلت قال أتحب أن تراها عريانة قال الرجل لا قال فاستأذن عليها وورد إنما الإذن على البيوت ليس على الدار إذن ويصلي عليهما بعد وفاتهما ويستغفر لهما وينفذ عهودهما ووصاياهما وديونهما ولو من ماله وعن أبي جعفر (ع) إن العبد ليكون بارا بوالديه في حياتهما ثم يموتان فلا يقضي عنهما ولا يستغفر لهما فيكتبه الله (تع) عاقا وأنه ليكون عاقا لهما في حياتهما غير بار بهما فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما فيكتبه الله بارا ويكرم أصدقائهما فورد في النبوي أن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه ويتصدق لهما فورد فيه أيضا ما على أحد إذا أراد أن يتصدق بصدقة أن يجعلها لوالديه إذا كانا مسلمين فيكون لوالديه أجرها ويكون له مثل أجورهما من غير أن ينقص من أجورهما شئ ويزور كلا منهما حيا وميتا فورد في عدة أخبار نبوية وغيرها أنهما يفرحان بذلك ويأنسان به وأن من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة بتحريك العين أو سكونه غفر له وكتب له براءة أي من النار أو من جميع الأهوال ويطلب حاجته ثمة كما يأتي ويقطع لسان السفيه عنهما حيين وميتين ولو بماله فهو من البر المندوب إليه ويراعي حق المعلم كما يراعي حق الأبوين ويقدم حق المعلم على حقهما عند التعارض فهما سبب وجود البدن وهو سبب حياة الروح كما سبق ولا يناديه أو يقرع باب داره إذا أتاه فوجده مسدودا بل يمكث إلى أن يفتح ويؤذن له فورد في التنزيل ولو أنهم صبروا حتى يخرج إليهم لكان خيرا لهم حين كانوا ينادونه صلى الله عليه وآله من رواء الحجرات و في الحديث إنما مثل العالم مثل النخلة تنتظرها متى يسقط عليك منها شئ ويصل الرحم وهو المعروف بنسبه ولو بعيدا بما أمكن في الوقت من عطاء مباشرة أو تسبيبا ودعاء وكف أذى ونحوها فورد في النبوي أن أعجل الطاعة ثوابا صلة الرحم وفي حديث آخر من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه وفي آخر بلوا الأرحام ولو بالسلام قال في النهاية أي ندوها بصلتها وهم يطلقون النداوة على الصلة كما يطلقون اليبس على القطيعة ولأنهم رأوا بعض الأشياء يتصل ويختلط بالنداوة ويحصل بينهما التجافي والتفرق باليبس فاستعاروا البل لمعنى الوصل واليبس لمعنى القطيعة وقد سبق بعض القول فيه في كتاب الطهارة ولا يتجاور القريب فهو يوجب الملال ويرفع الحرمة ويورث إحاطة العلم بالأحوال وربما يتحرك بذلك عرق الحسد المستكن في الأقارب والتوارد على المقاصد والتزاحم على الحقوق وينجر ذلك إلى القطيعة وهي نقيض المطلوب ويزوره غبا كساير الإخوان ويراعى حق الكبير كحق الأبوين في التوقير والبر والصغير كالولد في الرأفة والشفقة والمثل كالأخ في النصيحة والود ويشتريه إن كان مملوكا ليعتق قهرا أو اختيارا فإن تخليصه من ذل الرق من أكمل الصلة لأنه ايجاد له كما سلف لا سيما الوالدين فهو قضاء حقهما عليه بالايجاد وفي النبوي لن يجزي ولد والده حتى يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه وزيد في غيره ويكون عليه دين فيقضيه عنه ويبالغ في استرضاء الجار بالتحرز عما يكرهه وإماطة الغبار عن قلبه فورد عن النبي صلى الله عليه وآله ما زال جبرئيل يوصيني في الجار حتى ظننت أنه سيورثه وورد في حده في الحسن عن أبي جعفر (ع) والصحيح عن أبي عبد الله (ع) حد الجوار أربعون دارا من كل جانب من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ولم يطلع عليها بعض الأصحاب فنسب القول بذلك إلى الشذوذ وروايته إلى العامة واختار الرجوع إلى العرف وهو غير جيد كالقول بالأربعين ذراعا من كل ناحية ويحترز عن النظر إلى بيته فإنه من الايذاء المنهي عنه وقد نهي عنه بالخصوص في مناهي النبي صلى الله عليه وآله واجراء الميزاب إليه بدون إذنه وإن لم يتضرر بذلك ووضع السارية والجذع على حايطه كذلك والقاء الكناسة في فنائه وقرب حايطه وعلى الجار أن لا يمنع شيئا من ذلك وعليه يحملها ما ورد في النبوي لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبته في حايطه ولا يمنع عنه الريح والضوء بوقع البناء و سد الشباك ونحوهما ولا حوائج البيت المستوهبة نحو الماء والملح والنار أو المستعارة نحو الماعون ومنه كتب العلم ويرسل إليه سهما من ثمرة يشتريها أو تهدى إليه أو يخفيها عنه ولا يخرج بها ولده ليغيظ بها ولده ولا يبلغه ريح القدر إلا أن يرسل له منه فإن كان لا يسعهم جميعا بدأ بالمقبل ببابه عليه كما في حديث عايشة ويهذب أخلاق أهل البيت من النساء والأولاد والخدم ما أمكن بالرياضة والتأديب والتعليم والتمرين بالخير لا سيما الولد المراهق فهو أحوج إليه وأيسر قبولا له بسبب استكمال
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360