التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣٣٠
فطنته حينئذ وعدم رسوخ الملكات السيئة فيه بعد وقد سبق أن قلب الحديث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شئ فبلته فليبادر بالأدب وورد في التنزيل قوا أنفسكم وأهليكم نارا وإنما تحصل وقاية الأهلين بما ذكر وفي الحديث اضرب خادمك في معصية الله واعف عنه فيما يأتي إليك وبه يجمع بين ما دل على الأمر بالتأديب والعفو ويحسن المعاشرة مع المرأة فإنها أسيرة وضعيفة خلقت من ضعف ويصبر على سوء خلقها فإنها كالضلع المعوج إن تركته انتفعت به وإن أقمته كسرته كما في النبوي وفيه من صبر على خلق امرأة سيئة الخلق واحتسب في ذلك الأجر أعطاه الله ثواب الشاكرين ويبسط معها لعباته ومزاحا وهو من اللهو الحق الذي تحضره الملائكة ولا يدع مع ذلك الانقباض والترمت فتجترء عليه بل يداعبها في وقار أو المراد الانبساط وقت المداعبة والانقباض سائر الأوقات وقد مضى سائر أحكامها في كتاب النكاح ولا يطأ بقدمه حيوانا فإنه إن كان مؤذيا كالحية والعقرب فقد تعرض لأذاه وإن كان غير موذ كالذر والخنفساء كان ذلك إيذاء له وورد أنه يسأل عنه يوم القيامة ولا يضرب شيئا منها على الوجه للنهي عنه وعلل بأنها تسبح بحمد الله ولكل شئ حرمة وحرمة البهائم في وجوهها وورد النهي عن وسمها أيضا فيها وما ورد من الرخصة فيهما محمول على نفي التحريم ولا يعذب بالنار حتى المؤذيات مثل القمل والعقرب ونحوهما فورد لا يعذب بالنار إلا رب النار ويصلح ذات البين من المسلمين ولو بالكذب فهو من موارد جوازه كما سلف عن النبي صلى الله عليه وآله أفضل الصدقة اصلاح ذات البين وفي آخر ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى قال اصلاح ذات البين وسئل أبو عبد الله (ع) ما الاصلاح بين الناس قال تسمع من الرجل كلاما يبلغه فتخبث نفسه فتقول سمعت من فلان قال فيك من الخير كذا وكذا خلاف ما سمعت منه ويستر العيوب على المسلمين كما يسترها على نفسه فورد في النبوي من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة وقد سبق نبذ فيه ويتقى مواضع التهم كما في المشهور مثل المرامزة مع زوجته في ظهر الطريق حيث يراه الناس ولا يعرفونها تحرزا عن سوء ظنهم به ووقوعهم في الغيبة وورد عن أمير المؤمنين (ع) من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن وربما يكون ذلك محمودا في بعض الأحوال لمن يريد اسقاط محله من القلوب حيث يرى ذلك أصلح لدينه وعليه يحمل ما يحكى عن بعض السلف من تعريض أنفسهم للتهم تخلصا عن آفات كثيرة لم يزوا محيصا عنها إلا بذلك فهو من ارتكاب أهون المفسدتين لأعظم المصلحتين مثل الكي وقطع العضو المؤف بالآفة المعدية ونحوهما مما يأمر به الطبيب طلبا لسلامة النفس كما مرت الإشارة إليه فيما مضى ويفرج عن المكروب وينصر المظلوم بماله أو جاهه أو لسانه أو بدنه فورد عن النبي صلى الله عليه وآله من فرج عن مغموم أو أعان مظلوما غفر الله له ثلاثا وسبعين مغفرة وفي آخر من أعان مؤمنا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة واحدة في الدنيا واثنتين وسبعين عند كربه العظمى حيث تتشاغل الناس بأنفسهم ويسعى في حاجة أخيه فالمشي فيها ساعة من ليل أو نهار خير من اعتكاف شهرين وإن لم تقض كذا في النبوي ويعظه إذا رأى منه منكرا إن توقع منه القبول ورجى التأثير فإنه الشرط كما سبق قال الله (تع) فذكر إن نفعت الذكرى وإلا فلا يشتغل بتضييع الوقت وتعليق الدر على أعناق الخنازير بل ربما نشأ منه العداوة والضرر وحيث يعظ فليكن وعظه عرضا وأمثالا من غير تنصيص على الشخص إلا أن ينحصر التأثير فيه ويعين الضعيف مطلقا ولا سيما المستعين بل صاحب الحاجة مطلقا فعن أبي عبد الله (ع) في حديث إما أنك إن تعين أخاك المسلم أحب إلي من طواف أسبوع بالبيت أن رجلا أتى الحسن بن علي فقال أعني على قضاء حاجة فانتعل وقام معه فمر على الحسين وهو قائم يصلي وقال أين كنت عن أبي عبد الله تستعينه على حاجتك قال قد فعلت فذكر أنه معتكف فقال أما أنه لو أعانك كان خيرا له من اعتكافه شهرا ويعين المحسن في احسانه من باب التعاون على البر والتقوى ليشركه في أجره ويحب التائب لأنه حبيب الله ويستغفر للمذنب ولا سيما الميت وإن كان ذنبه إليه فورد أنه يؤجر بسببه فلا يوزر بسببه وفي رواية الاستغفار للمذنب صدقة ويفرح به الميت كما يفرح الحي بالهدية كما يأتي وفي النبوي من من حق المسلمين عليك أن تعين محسنهم وأن تحب تائبهم وأن تستغفر لمذنبهم ويعامل كلا من الأصحاب على حسب حاله الغالب حذرا عن النفرة ووضع الشئ في غير موضعه فعرض الفقه لأهل اللهو وعرض البيان والبلاغة لثقيل اللسان إيذاء للنفسين أما العارض فلأن بلادة المخاطب عن المعنى مما يبلد المتكلم ويحوجه إلى تكرار البيان وتمهيد المقدمات وتصوير المعقولات بالصور المحسوسة وضرب الأمثال واجتهاد شديد في ذلك وأما المعروض عليه فلأنه في اصغائه إليه مكره نفسه على الالتفات إلى ما لا أنس لها به ويتعسر عليها فهمه فتتألم بذلك وكان بعض المشايخ يوصي تلامذته إذا جاءكم الأغنياء فسلوهم الأموال وإذا جاءكم العلماء فسلوهم عن الفقه والحلال والحرام وإذا جاءكم الفقراء فأطعموهم وينتصف الناس من نفسه في الكلام والحقوق فهو من ثلاث خصال يستكمل بها الايمان كما سلف في باب السخاء ولا يعلم أحدا مقدار ماله مطلقا وإن كان من الخواص وأهل البيت فإنه إن كان قليلا فالعلم بالقلة يورث الإهانة لأن الأغلب لا يعرفون الشرف إلا بالمال وإن كان كثيرا فالعلم بالكثرة يورث كثرة الطمع وعدم الرضا بالقدر المبذول وورد في وصايا الحكماء استر ذهبك وذهابك ومذهبك ومرادهم بالذهب الشئ النفيس جوهرا أو عرضا حتى أسرار العلوم والمعارف والذهاب إما مصدر ذهب والمراد به الخروج إلى طلب المقاصد على وجه
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360