الوعثاء والحر والبرد والارفاق المتناكرين وغير ذلك وورد السفر قطعة من العذاب فإن لم يكن واجبا أو مندوبا فالاقامة أحمد مطلقا وفي الحديث النبوي وحكمة آل داود بألفاظ متقاربة لا ينبغي للعاقل أن يكون ظاعنا إلا في ثلاث مرمة لمعاش وتزود لمعاد أو لذة في غير محرم وينبغي اختيار التوطن في أي موضع يراه أقرب إلى مصالحه العاجلة والآجلة من الخمولة لمن يضره الجاه وسلامة الدين وفراغ القلب ويسر العبادة سواء كان موطنه الذي نشاء فيه أم غيره فورد في الحديث البلاد بلاد الله والخلق عباده فأي موضع رأيت فيه السلامة فأقم وأحمد الله وأما ما ورد أن حب الوطن من الايمان فلعل الوجه فيه أن كان هو المراد بالوطن أن أكثر المصالح المذكورة أكثر تحققا فيه غالبا وكذا أولو الأرحام وذوو الحقوق الذين يحمد حبهم على أن حبه غير الإقامة فيه وحق السفر أن يتوب مريده ولا سيما عن حقوق الحاضرين ويستبري ذمته ويرد ما أمكن من المظالم والودايع والديون وسائر الحقوق ويوصي ويشهد على ما عداها سيما إذا لم تكن مشهودا عليها ويؤدي النفقات إلى أهلها أو يقيم عليهم من يقوم بها إلى الرجوع بحسب تخمينه والأحب أن يزيد قدر ما يقرب احتماله ويأخذ معه الزاد الطيب كاللحم والحلوى واللوز والسكر وورد من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفره وفي عدة أخبار أنه من مروة السفر ويتأكد في سفر الحج ويكره في زيارة الحسين (ع) بل يقتصر فيه على الخبز واللبن ويوسع فيه بالاكثار والبذل لمن معه وهما من المروة أيضا ولا يبالغ بحيث يذل الرفقة فعن الحسين بن أبي العلا قال خرجنا من مكة نيفا وعشرين رجلا فكنت أذبح لهم في كل منزل شاة فلما أردت أن أدخل على أبي عبد الله (ع) قال يا حسين وتذل المؤمنين قلت أعوذ بالله من ذلك فقال بلغني أنك كنت تذبح لهم في كل منزل شاة قلت ما أردت إلا الله قال أما علمت أن منهم من يحب أن يفعل مثل فعالك فلا تبلغ مقدرته فتقاصر إليه نفسه قلت أستغفر الله ولا أعود ويطلب الرفيق ولا يخرج وحده لما فيه من الخطر وورد الرفيق ثم الطريق وأن شر الناس من سافر وحده وأن الشيطان مع الواحد وفي بعضها أنه شيطان وهو ممن لعنه رسول الله صلى الله عليه وآله ويرتاد الصالح المعين على الخير بقوله وفعله وحاله فإنه أحمد وأبرك ويحسن صحابته فإنه علامة مكارم الأخلاق ومن ثم قيل إذا أثنى على الرجل معاملوه في الحضر ورفقاؤه في السفر فلا تشكوا في صلاحه وأقله مزاح ومطائبه محمودة في بعض الأوقات شفاء للنفس عن ضجر السفر وشقائه ولا يكتفى بالواحد ففي النبوي أن الرجل إذا سافر وحده فهو غاو والاثنان غاويان والثلاثة نفر وورد عن أبي عبد الله (ع) خير الرفقاء أربعة وقد قيل في وجهه أن السفر لا ينفك عن رحل يحتاج إلى حفظه وعن حاجة يحتاج إلى التردد فيها والواحد لا يفي بهما جميعا والاثنان إذا خرج أحدهما للحاجة كان وحيدا والوحدة وحشة للغريب وفي الثلاثة أحدهما وحيد أيضا ولا يتم المطلوب إلا بالأربعة فيخرج اثنان ويحفظ اثنان وفي النبوي أحب الصحابة إلى الله أربعة وما زاد قوم على سبعة إلا كثر لغطهم والظاهر أنه تحديد للرفاقة الخاصة دون العامة فإنه لا ضير في كثرتهم غالبا ولا سيما في المخاوف وينبغي أن يتصدق المسافر قبل الخروج بما أمكن يشتري به السلامة من الله عز وجل ويكون إذا وضع رجله في الركاب وروي استحباب الغسل أيضا ويصلي ركعتين استخلافا لهما على أهله فعن النبي صلى الله عليه وآله ما استخلف رجل على أهله بخلافه أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفر ويقول اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وديني ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي إلا أعطاه الله ما سأل وروي أربع ركعات يقرأ فيها بالحمد والتوحيد وورد أنه كان أبو جعفر (ع) إذا أراد سفرا جمع عياله في بيت ثم قال اللهم إني أستودعك الغداة نفسي وأهلي و مالي وولدي الشاهد منا والغايب اللهم احفظنا واحفظ علينا اللهم اجعلنا في جوارك اللهم لا تسلبنا نعمتك ولا تغير ما بنا من عافيتك وفضلك ويستخير في غير السفر الواجب لا سيما المضيق ويودع الإخوان ويؤذنهم بخروجه ويتحالل منهم ويرغب في دعائهم فإن الله (تع) جاعل له في دعائهم البركة ومن المأثور فيه أحسن الله لك الصحابة وأكمل لك المعونة وسهل لك الحزونة وقرب لك البعيد وكفاك المهم وحفظ لك دينك وأمانتك وخواتيم عملك ووجهك لكل خير وأقله سلمك الله وغنمك ويعرض الأشياء المحمولة على المكاري ويرضيه لحملها حذرا عن هذره ولجاجه والأحب أن يقدرها بالوزن ويستأجر الدابة بعقد لازم ويخرج في عشية الجمعة وليلته وبكور الخميس و السبت والثلاثاء فإن لم يتفق البكور فتمام اليوم دون نهار الجمعة قبل الصلاة الوسطى ظهرا أو جمعة فورد أن الملك الموكل بالصلاة يقول لا ردك الله والمشهور التحريم بعد النداء للجمعة والكراهة قبلها واحتمل في المفاتيح التحريم أيضا كما سبق ويحكى أن جماعة سافروا كذلك فخسف بهم وآخرون اضطرم عليهم خيامهم من غير أن يروا نارا دون الأربعاء آخر الشهر إلا للموكل خلافا لأهل الطيرة و الأخبار في الاثنين متعارضة ويمكن حمل المادحة على التقية كما يمكن حمل الذامة على قصد التبرك و الاقتداء بسنة بني أمية والذي ذكره المنجمون اختياره فإنه يوم القمر وهو كوكب السفر بزعمهم و يشهد لهم ما في المنظومة المنسوبة إلى أمير المؤمنين (ع) وفي الاثنين إن سافرت فيه ستظفر بالنجاح وبالثراء وأما أيام الشهر فالمنصوص اختياره الأول والثاني والسادس والسابع والتاسع والعاشر والحادي عشر والرابع عشر والخامس عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرون والثاني والعشرون والثالث والعشرون والسابع والعشرون والتاسع والعشرون وكراهة الثالث و الرابع والثامن والسادس عشر والسابع عشر والحادي والعشرون والرابع والعشرون والخامس والعشرون
(٣٤٠)