التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣٣١
عام يندرج فيه العبادات والرياضات الشرعية التي يخرج بها السالك المهاجر إلى الله عز وجل عن قرار طبعه أو جمعه ذهبه بالكسر وهو المطر اللين فالمراد رشحات المراحم الإلهية والألطاف الخفية الفائضة على سر العبد أحيانا وعليه فالمذهب يحتمل المصدر الميمي واسم الزمان والمكان وعلى الأول فالأخيرين خاصة ويطلق في الشرع على الطريقة التي يلتزمها العبد في الديانة وعلى الموضع الذي يقصد لقضاء الحاجة ومنه الحديث كان إذا أراد الغايط أبعد المذهب وكل ذلك مما ينبغي الاستتار به ووجهه معلوم مما تقدم وماج الحلاج في مقام الشطح ببعض ذلك فعوقب بما بلغك ولا يستحقر أحدا من الأحياء أو الأموات وإن كان منكر الظاهر فالعاقبة وهي ملاك الأمر مستورة فلعله يختم له بالصلاح وله بالسوء ولا يستعظم أحدا للدنيا فينظر إليه بعين التعظيم بما يرى عليه من زينتها فهي حقيرة عند الله وما فيها معرض للزوال ومهما عظم أهلها فقد عظمها ولا يتكبر على الفقير من حيث فقره وغناه بل يتكبر على المتكبر فإنه عبادة كما سلف ويجالس الفقير ويخالطه ويؤاكله فهي من السنة التي داوم عليها النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته والأنبياء السلف صلى الله عليه وآله حتى أنه صلى الله عليه وآله كان يدعو أن يحشره الله في زمرة المساكين وكان سليمان (ع) في ملكه إذا دخل المسجد فرأى مسكينا جلس إليه و قال مسكين جالس مسكينا دون الغني من حيث غناه فورد عن النبي صلى الله عليه وآله إياكم ومجالسة الموتى قيل و من الموتى قال الأغنياء وعنه صلى الله عليه وآله الجلوس مع الأغنياء يميت القلب وعن أبي جعفر (ع) لا تجالس الأغنياء فإن العبد يجالسهم وهو يرى أن لله عليه نعمة فما يقوم حتى لا يرى أن لله عليه نعمة وعن بعض السلف كنت أجالس الأغنياء فلم أزل مغموما كنت أرى ثوبا أحسن من ثوبي ودابة أفره من دابتي فجالست الفقراء واسترحت ودون حبيب العافية مثل أحباب هذا الزمان يتحببون إليك ما دمت في سعة وحسن حال فإن أصابك ضيق أو نكد أسلموك وشتموا بك وتقربوا إلى أعدائك بافشاء أسرارك وعيوبك ودون العامي الغير المتهذب فإنها مما تميت القلب أيضا وإذا ابتلى بها فأدبها أن لا يخوض في كلامه ويقل الاصغاء إلى أراجيفه ويتغافل عما يجري عليه من ركاكة ألفاظه وسوء أدبه وليحذر كل الحذر عن مجالسة السلطان فإنها كركوب الأسد بينا هو فرسه إذ هو فرسه وإذا ابتلي بها فأدبها أن يكثر الحذر عنه في القول والفعل والترك والهيئة وسائر الأحوال وإن أظهر المحبة فلا يا من شره ولا يعتمد على صحبته فإنه لا وفاء للملوك يتغيرون على ندمائهم بأهون سبب في أسرع حال ويذبحون أبنائهم بمجرد الظن والاحتمال ويرافقه مرافقة الطفل فيعلله بما يوافق هواه ويستميله إلى ما يصلحه ويصرفه عما يفسده بلطف ولين ويتكلم على حسب إرادته مع مراعاة المصلحة العامة والخاصة ما أمكن ولا يدخل بينه وبين أهل بيته وحشة فإنه مضر من أحدهما البتة ولو بعد حين ويبالغ في حفظ الأدب في محضره ومغيبه فإن الوشاة عليه كثيرون ويستعيذ بالله من شره عند الدخول إليه ومن المأثور فيه خيرك بين عينيك وشرك تحت قدميك وبالله أستعين عليك اكفنيه بما شئت فإنه لا حول ولا قوة إلا بك يقوله سبعا وعلى الملك إذا كان كريما الاحتمال والاغضاء عن المسيئين وقد كان الملوك الأوايل يتمدحون بالعفو و يتفاخرون بذلك في مكاتباتهم ومعارضتهم وقصصهم في ذلك مشهورة إلا في جرائم ثلاث كانوا يصرون في المؤاخذة عليها ولا يستحبون العفو عنها كشف السر وبه قتل السلطان العادل وزيره الحكيم أبا ذر جهر بعد أن استفتاه في عقاب من أفشى أسرار الملوك فأفتاه بالقتل و القدح في الملك فإنه يتضمن من شق العصا وتفريق الجماعة واذهاب الأموال والنفوس ما لا يسع العفو والتعرض للحرم بأي سوء كان فإنه لا يليق عنه الاغضاء للخلة فكيف للملوك ولا يصادق العامة بل يقلل المعارف ما أمكن فإن كثرتهم توجب تكاثر الحقوق عليه وتكاثر الأذى منهم لفساد أهل الزمان على العموم وأهل زماننا أفسد كما في الحديث النبوي لا يزال الدهر في سفال فإنهم لا يقيلون عثرة ولا يغفرون زلة ولا يسترون عورة ويحاسبون على النقير والقطمير ويحسدون على القليل والكثير ينتصفون ولا ينصفون ويؤاخذون على الخطأ والنسيان ولا يعفون ينطوون على الضغاين والذمائم ويفرقون بين الجماعات بالنمائم يقطعون بالظنون ويتغامزون وراءك بالفنون ويتربصون بك ريب المنون ومن ثم قال أمير المؤمنين (ع) لبعض المسترشدين أقلل معارفك قال ثم مه قال أنكر من عرفت منهم وفي حديث آخر أنه قام إليه (ع) رجل بالبصرة فقال أخبرنا عن الإخوان فقال الإخوان صنفان إخوان الثقة وإخوان المكاشرة فأما إخوان الثقة فهو كالكف والجناح والأهل والمال فإذا كنت من أخيك على ثقة فابذل له مالك ويدك وصاف من صافاه وعاد من عاداه واكتم سره وأعنه وأظهر منه الحسن واعلم أيها السائل أنهم أعز من الكبريت الأحمر وأما إخوان المكاشرة فإنك تصيب منهم لذتك فلا تقطعن ذلك منهم ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان وورد عن أبي عبد الله (ع) لا تفتش الناس فتبقى بلا صديق وفي حديث آخر خالطوا الناس بأعمالهم وزايلوهم بالقلوب وهو من حسن العشرة دون النفاق المذموم ولا يعتمد إلا على من جرب تحقيقا فوجد مستقيما على الإخاء في الأحوال المختلفة من اليسر والعسر والرضا و الغضب والعزل والولاية والسفر والحضر والمعاملة وغير ذلك وعن بعض المشايخ إذا أردت أن تواخي رجلا فأغضبه ثم دس إليه من يسأله عنك وعن أسرارك فإن قال خيرا وكتم سرك فأصحبه وعن أبي عبد الله (ع) من غضب عليك ثلاث مرات فلم يقل فيك شرا فاتخذه لنفسك صديقا وأما الظواهر فلا تعويل عليها ولا على أهلها فلا يجد عند الحاجة جزءا واحدا من مائة ولا ألف جزء
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360