وتضعف الأعصاب مثل ارتكاب المشاق البدنية واستعمال المحللات القوية فإن ذلك مما يستتبع كثرة النوم كما مر وثالثها أن يقيل فإن القيلولة بما فيها من الفوايد البدنية تشبع النفس عن النوم فيتسهل عليها القيام ليلا بنشاط وصدق رغبة وورد أنها تعيد الحافظة ورابعها أن لا يذنب فهو سبب الحرمان كما سلف في حديث من قال لأمير المؤمنين (ع) قد حرمت صلاة الليل فقال (ع) أنت رجل قد قيدتك ذنوبك وخامسها أن يفرغ قلبه عن هموم الدنيا حتى يتمكن فيه هم الدين والعبادة فإنهما متنافيان وكما أن المهتم بالدنيا يتحرى لها الفرص ويتنبه لأوقاتها بنفسه من غير حاجة إلى منبه له في ذلك كذلك المهتم بالقيام الصادق في نيته بل هو أولى لأن مقصوده أهم وأعظم وسادسها أن يلازم الخوف من الله (تع) بمذاكرة جلاله سبحانه فإن الخائف قليل النوم كثير التملل وسابعها أن يقصر الأمل في الدنيا ليستضيق وقت العبادة فيبادر إليها ويخلص من خطرات التسويف وثامنها أن يذكر ثواب القيام وما ورد في فضله وما وعد عليه من فوايد الدارين مما مضى ويأتي وغيرهما فإن ذلك مما يحرك إليها الشوق لمن كان صادقا في يقينه وايمانه ولكل منها مراتب متفاوتة بحسب قوة الداعي وضعفه والأصل في الجميع محبته (تع) واستحكام الايمان واستقراره في القلب ليكون متغذيا به روحه فيقل التفاته إلى تغذية البدن كما يشاهد ذلك في التعشقات الصورية إذا استحكمت في القلب كما مر وأن يذكر الله كلما استيقظ من نومه ويستاك فإن عاود النوم يستاك ثانيا ويقرء الخمس آيات التي كان يقرءها رسول الله صلى الله عليه وآله من سورة آل عمران إذا استيقظ ليلا وهي أن في خلق السماوات والأرض إلى لا تخلف الميعاد و أن يضع وصيته مكتوبة تحاميا عن هجوم الموت دونها فعن النبي صلى الله عليه وآله لا ينبغي لامرء مسلم أن يبيت ليلا إلا ووصيته تحت رأسه ويتوب عن الذنب لمثل ذلك وينوي الخير للمسلمين ليغفر له فورد أن من نام ناويا الخير للمسلمين غفر الله له ولا يبسط تحته الفراش النعيم لغلبة النوم حينئذ والأنس بالترفه بضم الفاء وسكون العين وكان رسول الله صلى الله عليه وآله ينام على الحصير ليس تحته شئ غيره وثني له ليلة عباءة فلما أصبح قال لقد منعني الليلة الفراش الصلاة فأمر أن يجعل بطاق واحد ورخص للرجل في الافتراش للنوم وغيره بالحرير والديباج والقيام عليهما في الصلاة لا السجود في صحيحة علي بن جعفر قال سألت أبا الحسن (ع) عن الفراش الحرير ومثله من الديباج والمصلى الحرير هل يصلح للرجل النوم عليه والتكاة والصلاة قال يفترش ويقوم عليه ولا يسجد عليه وورد أنه نظر أبو عبد الله (ع) إلى فراش في دار رجل فقال فراش للرجل وفراش لأهله وفراش لضيفه وفراش للشيطان وينبغي لمن يأتي فراشه أن ينفضه قبل الاتيان توقيا عن الأذى و في النبوي إذا آوى أحدكم إلى فراشه فليمسحه بطرف أزراره فإنه لا يدري ما حدث عليه ويضطجع على الشق الأيمن فورد أنه نوم المؤمنين دون الأيسر فإنه نوم المنافقين والوجه فإنه نوم الشياطين وأما القفاء فإنه نوم الأنبياء ويستقبل القبلة في مضجعه ووجهه وأخمصاه هما باطنا قدميه إليها أو يكون مستقبلا لها بطوله كله كالملحود في القبر ويقرء آية الكرسي فعن النبي صلى الله عليه وآله أن من قرأها وهو آخذ مضجعه آمنه الله على نفسه وجاره وجار جاره والأبيات حوله وآيتين من آمن الرسول إلى آخر سورة البقرة وورد أن من قراهما بعد العشاء الآخرة أجزأتاه عن قيام الليل وآيتين أو آية من آخر سورة الكهف فورد أن من قرأها عند منامه سطع له نور إلى المسجد الحرام حشو ذلك النور ملائكة يستغفرون له حتى يصبح وتسبيح الزهراء (ع) وهو الأصل في شرعيته إلا أن الروايات مختلفة في ترتيب التسبيح والتحميد وإن كان الواو لا تفيده والذكر المأثور وهو بسم الله اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك توكلت عليك رهبة منك ورغبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبرسولك الذي أرسلت وروي غير ذلك ويذكر بنومه الموت وبقيامه النشور فإنهما إخوان ومن ثم استحب للمستيقظ أن يقول الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور وينام على حبه (تع) وذكره كما يموت عليهما انشاء الله تعالى وورد اجعل كل نومك وآخر عهدك من الدنيا ويوكى السقاء أي يشد رأسه بالوكاء بكسر الواو وهو الخيط الذي يشد به فم القربة والكيس ونحوهما ويغطى الإناء لئلا يبزق فيه الشيطان ويأخذ منه ما يشاء وفي النبوي إن الشيطان لا يكشف غطاء ولا يحل وكاء ويطفئ السراج من الفويسقة لا تحرق البيت وعن النبي صلى الله عليه وآله لا تتركوا النار في البيت حين تنامون ويرخى الستر فإنه أستر وأصون ولا ينام في بيت وحده فإنه من موجبات اللعن وأجرا ما يكون الشيطان على الانسان إلا مع الاضطرار فيكثر ذكر الله (تع) في منامه ما استطاع ولا على سطح غير محجر للنهي عنه ومن فعل فأصابه شئ فلا يلومن إلا نفسه وفي رواية أخرى فقد برئت منه الذمة وفي أخرى سألته عن ثلاثة حيطان فقال لا إلا أربعة قلت كم طول الحايط قال أقصره ذراع وشبر وفي حديث آخر ذراعان وورد أن الرجل و المرأة في ذلك سواء ولا فيما لا باب له فعن أبي عبد الله (ع) أنه كره أن ينام في بيت ليس عليه باب ولا بين صلاة الليل والفجر فورد أن صاحبه لا يحمد على ما قدم من صلاته ولا بعد الصبح إلى طلوع الشمس فورد أنه مشوم يمنع الرزق ويصفر اللون ويغيره وهو نوم كل مشوم إن الله (تع) يقسم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فمن نام فيما بينهما نام عن رزقه ولا بعد العصر وهو الساعة الثامنة من النهار إذا قسم اثنتي عشر ساعة معوجة وقيل العاشرة فورد أن النوم بعد العصر حمق وأنه يختلس به العقل وهو نوم الغفلة وفي حديث الأربعمائة ليس في البدن أقل شكرا من العين فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم عن ذكر الله عز وجل وفي آخر إن كثرة النوم مذهبة للدين والدنيا وليكن النوم في مجموع الليل والنهار مقدار ثمان ساعات ثلث الليلة واليوم والنقيصة إجحاف بالبدن
(٣١٨)