الغرور ويعرف الصدق فيه بأن لا تمتد يده إلى الأكل إلا وهو جائع ولا تنقبض عنه إلا وهو جائع لأن الشبع يفتر عن الطاعة ويحرك إلى المعصية وأن يقدمه على الصلاة إذا حضرا معا إن آمن فوتها لئلا يبرد الطعام أو يتشوش أمره فتنتقص فيه الرغبة ولا يلتفت القلب إليه عند الأكل فإن ذلك لا يخلو من ازراء بالنعمة وامتهان لها فالمحذور الأخير عدم الالتفات أو هو الالتفات إليه في أثناء الصلاة إن قدمها فإن القلب لا يخلو عن الالتفات إلى الطعام الحاضر وإن لم يكن الجوع غالبا فتكون لا زائدة والجملة معطوفة على الجملة المنفية أو هي معطوفة على جملة النفي وأن يرضى بالموجود الحاضر من الرزق وأن لا يجتهد في التنعم وطلب الزيادة فكل ما يديم الرمق ويدفع أذى الجوع ويقوى على العبادة فهو خير كثير ولا يكثر الأكل بل يمسك عنه قبل افراط الشبع فإنه الدواء الذي لا داء فيه كما مر وعن أبي عبد الله (ع) إن البطن إذا شبع طغى وعن أبي جعفر (ع) ما من شئ أبغض إلى الله عز وجل من بطن مملوء وقد تقدمت بزيادة من حلال ويقتصر على الغذاء والعشاء كما أمر به أبو عبد الله (ع) من شكى إليه كثرة الأوجاع والتخم فقال تغذ وتعش ولا يأكل بينهما شيئا فإن فيه فساد البدن أما سمعت الله تبارك و (تع) يقول لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ويجوع نفسه من غير افراط كما مضى في باب فوايد الجوع وفي الحديث النبوي جوعوا أنفسكم لوليمة الفردوس والوليمة طعام العرس أو كل طعام صنع لدعوة أو الخمس المأثورة الآتية ولا يأكل وحده فإنه من موجبات اللعن بل يكثر الأيدي على الطعام ولو من أهله وولده فورد عن النبي صلى الله عليه وآله اجتمعوا على طعامكم يبارك لكم فيه وهو يتحقق مع اتحاد القصعة أي الماعون ومع تعددها فإن اتحدت القصعة فهو أحب لتتزاحم الأيدي على الزاد وأبعد عن سيرة الجبابرة ولتكن كبيرة من خزف أو خشب فلا بركة للصغيرة ولا في الأجساد المنطرقة نحو الصفر والنحاس لما فيها من الزهومة وأن يتحرى فيه تطييب نفوس الرفقة ولا يطيل انتظارهم ولو بالصلاة كما تقدم في الصوم ولا يواكل الأشرار و الجهال ولا يشاربهم فهو يورث القسوة بل يواكل ويشارب الأتقياء والعلماء فهو يورث الحكمة والتأدب بحسن الأدب ويتبرك بأسآرهم فإنه يذهب درن القلب ويسمي الله (تع) في الابتداء لئلا يرافقه الشيطان فعن أبي عبد الله (ع) إن العبد إذا سمى قبل أن يأكل لم يأكل معه الشيطان وإذا لم يسم أكل معه الشيطان والأحب عند تعدد الألوان التسمية في كل لون لرواية داود بن فرقد عن أمير المؤمنين (ع) ضمنت لمن سمى على طعام أن لا يشتكي منه فقال ابن الكوا يا أمير المؤمنين لقد أكلت البارحة طعاما فسميت عليه فآذاني قال فلعلك أكلت ألوانا فسميت على بعضها ولم تسم على بعض قال نعم قال من هنا أتيت يا لكع بل إذا اختلفت الآنية فليسم على كل إناء وإن اتحد اللون وإعادة التسمية إذا قطعها بالكلام ثم عاد إلى الطعام وفي معنى الكلام سائر القواطع إلا أنه مورد النص خاصة والأحب من الجميع أن يسمي في كل لقمة حتى لا يشغله الشره عن ذكر الله وفي حديث أمير المؤمنين (ع) ما اتخمت قط لأني ما رفعت لقمة إلى فمي إلا سميت و يجهر بها تذكيرا للغير أو يسر ايثارا لعبادة السر وإذا نسي التسمية في الابتداء قال عند الذكر بسم الله على أوله وآخره وورد أنه إذا سمى واحدا أجزأ عن الجماعة ويدعو قبل الأكل بالمأثور وهو اللهم إن هذا منك ومن فضلك وعطائك فبارك لنا فيه وسوغناه وارزقنا خلفا إذا أكلنا ورب محتاج إليه رزقت فأحسنت اللهم اجعلنا من الشاكرين وروي غير ذلك ولا يعيب مأكولا وإن كان غير موافق فإنه من كفران النعمة ويبغض على الحاضرين بل إن أعجبه أكله وإلا تركه كما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يأكل من آنية ذهب ولا فضة ولا مفضضة للنهي المحمول على التحريم في الأولين اجماعا وحيث يحرم الأكل يحرم المأكول إذ لا معنى لحرمة المأكول إلا حرمة أكله والأحوط اجتنابهما مطلقا فورد في النبوي وغيره آنية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون وعن أبي جعفر (ع) أنه نهى عن آنية الذهب والفضة وأما الأخير فالمشهور فيه الكراهة ويأتي في الباب الآتي و اعلم أن في عبارة الأصل تماوتا لأن الذهب والفضة جنسان يضاف إليهما الآنية مثل خاتم حديد بخلاف المفضضة فإنها صفة وفي صحة الإضافة إليها منع معروف في فنه مع ما في الإضافات من التفكيك وكذا لو أعربته صفة إلا أن تعرب كلها أوصافا وأيضا لو عبر بلفظ الإناء مفردا لكان أجود ولا يجوز الأكل على مائدة يشرب عليها مسكر خمرا أو غيرها فورد في موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) أنه يحرم به المائدة وإنما يحرم ما دام يشرب لا قبل الشرب ولا بعده ومن الحقوق أن يأكل بيمينه وحدها لا شماله كما يأتي ولا كلتيهما إلا في العنب والرمان ولا الملعقة إلا مع العذر وبثلث أصابع الإبهام والتي تليها والوسطى بل بأصابعه أجمع وهو الهرت أكلة أمير المؤمنين (ع) لا باثنتين كما تفعله الجبابرة المستخفون بالنعمة وورد أنه أكل الشيطان ولا يتجاوز عما يليه إلا في أكل الثمار ففي النبوي أنه كان يأكل الثريد ومعه أعرابي فجعل الأعرابي يأكل من هنا ومن هنا فأخذ صلى الله عليه وآله بيده ووضعها أمامه وقال كل مما يليك فإنه طعام واحد ثم رفعت القصعة وأتى بطبق من رطب فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يلتقط منها ويجول في الطبق والأعرابي يأكل مما يليه فأخذ بيده و أدارها في الطبق وقال التقط فإنه طعام مختلف ولا يأكل جنبا فهو يورث الفقر ولا من ذروة القصعة فإن الذروة فيها البركة ولا من وسطها بل من جوانبها ولا بالشمال ويكره بها سائر التناولات أيضا إلا مع الضرورة ويحضر على المائدة البقل فهو يحضر الملائكة ويطرد الشيطان وفي رواية لكل شئ حلية وحلية الخوان البقل والخل فهو ينفي الفقر ويشد الذهن ويزيد في العقل ويسكن المرار وينير القلب وكان أجب الأصباغ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وورد في النبوي وغيره ما أفقر بيت فيه الخل
(٣١٠)