ما كانت المرضعة واحدة وفاقا للطبرسي في التفسير والراوندي في فقه القرآن لعموم قوله (تع) وأخواتكم من الرضاعة ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وغيرهما وصريح رواية الهمداني قال قال الرضا (ع) ما يقول أصحابك في الرضاع قلت كانوا يقولون اللبن للفحل حتى جائتهم الرواية عنك أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فرجعوا إلى قولك إلى أن قال (ع) رجل كانت له أمهات أولاد شئ فأرضعت واحدة منهن بلبنها غلاما غريبا أليس كل شئ من ولد ذلك الرجل من أولاد الأمهات الشتى محرم على ذلك الغلام قلت بلى فقال (ع) فما بال الرضاع يحرم من قبل الفحل ولا يحرم من قبل الأمهات وإنما حرم الله الرضاع من قبل الأمهات وإن كان لبن الفحل أيضا يحرم ومن شرط اتحاد الفحل في تحريم أحد المرتضعين على الآخر ولم يكتف باتحاد المرضعة وهم الأكثر أيضا بل ادعى عليه الاجماع لموثقة زياد بن سوقة وما في معناها فقد ترك الاحتياط أيضا وعدل مما يوافق الكتاب والسنة إلى ما يخالفهما وعما يخالف القوم إلى ما يوافقهم والشهرة لا تصلح معولا كما علمت فيما مضى وسواء كانت المرضعة واحدة أم متعددة ما كان الفحل واحدا للعمومات وخصوص رواية الهمداني أيضا ومن شرط اتحاده أو لم يكتف باتحاده وهم الأكثر أيضا للموثقة أيضا فقد ترك الاحتياط أيضا واعلم أن مقتضى العمومات المتقدمة وغيرها في تسوية علاقة الرضاع لعلاقة النسب وتشبيه لحمته بلحمته انتفاء حكم التحريم بالرضاع حيث لا ينهض به النسب فيرجع فيه إلى مقتضى الأصل والعمومات المبيحة لكن إن اجتنب أب المرتضع أولاد الفحل ولادة ورضاعا فقد أخذ بالاحتياط والمشهور وجوبه لصحيحة علي بن مهزيار في مسألة عيسى بن جعفر عن أبي جعفر الثاني (ع) أن امرأة أرضعت لي صبيا فهل يحل لي أن أتزوج ابنة زوجها والجارية ليست ابنة المرأة التي أرضعت لي هي ابنة غيرها فقال لو كن عشرا متفرقات ما حل لك منهن شئ وكن في موضع بناتك وكذا وجوب اجتنابه أولاد المرضعة ولادة لمكاتبة الحميري إلى العسكري (ع) امرأة أرضعت ولد الرجل هل يحل لذلك الرجل أن يتزوج ابنة هذه المرضعة أم لا فوقع (ع) لا تحل له ومكاتبة علي بن شعيب إلى أبي الحسن (ع) امرأة أرضعت بعض ولدي هل يجوز لي أن أتزوج بعض ولدها فكتب لا يجوز ذلك لأن ولدها صار بمنزلة ولدك واحتج المحللون فيهما بأن أخت الابن من النسب إنما حرمت لا لكونها أخت الابن بل لكونها بنت الزوجة المدخول بها فتحريمها بسبب الدخول بأمها وهذا المعنى منتف هنا وإنما حرم بالرضاع ما حرم بالنسب لا بغيره من أسباب التحريم ثم كيف يحرم بالرضاع ما ليس بمحرم في النسب وقواه المصنف في المفاتيح لولا صحة الروايات المنقولة المخرجة عن حكم الأصل فالعمل على المشهور وإنما خصوا الحكم في الأخيرة بأولادها ولادة دون الرضاعيات ابتناء على أصلهم المنقول من اشتراط التحريم باتحاد الفحل وأما على ما ذهب إليه المصنف من موافقة الطبرسي فلا وجه لهذا التخصيص بل النسبيات والرضاعيات في مرتبة واحدة من الاحتياط فإن اجتنب الجميع فقد أخذ به وظاهر المنزلة المعتبرة في المكاتبة الأخيرة تحريم أولاده الفحل ولادة ورضاعا على سائر أولاد أبي المرتضع أعني إخوته نسبا كما ذهب إليه بعضهم فإنهم لما كانوا بمنزلة ولد الأب كانوا إخوة لأولاده والأكثر على الجواز لأن أخوات الأخ إنما يحرمن لكونهن أخوات لا من حيث هن أخوات الأخ ومن ثم لو كان له أخ من أبيه وأخت من أمه جاز لأخيه المذكور نكاح أخته إذ لا نسب بينهما يحرم فكذلك هنا لا نسب بين إخوة الرضيع من النسب وأخته من الرضاع ومال المصنف إلى الكراهة كما في النسب لموثقة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في رجل تزوج أخت أخيه من الرضاعة فقال ما أحب أن أتزوج أخت أخي من الرضاعة فإن اجتنب أولاده الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن في هذه المرضعة مناكحة أولاده فقد بالغوا في النزاهة في محلها وكما يمنع الرضاع من النكاح سابقا كذلك يبطله لاحقا فلو تزوج رضيعة فأرضعتها من يفسد نكاح الصغيرة بارضاعها كأمه فتصير أخته أو جدته فتصير عمته أو خالته أو أخته فتصير بنت أخته أو زوجة أبيه أو أخيه فتصير أختا على الأول وبنت أخ على الثاني إذا كان اللبن منهما والمحارم من المصاهرة وهي القرابة العارضة بالزواج أيضا سبع أم الزوجة وإن علت لأب أو لأم وبناتها وهن الربائب وإن سفلن لابن أو لبنت تقدمت ولادتهن أو تأخرت وإن لم يكن في حجره أو في حضانته والتقييد في الآية اخراج للكلام مجرى الغالب أو لأن الربيبة في اللغة لا يختص بابنة الزوجة والمراد بالحجر القرابة والتقييد للتخصيص وأختها للأبوين أو لأحدهما وتحريم الأولتين عيني كمحرمات النسب والرضاع وأما الأخيرة فإنما تحرم جمعا بينهما لا عينا فلو فارقها حل له نكاح أختها وابنتا أخيها وأختها كذلك تحرمان معهما جمعا بدون رضاها على الأشهر الأقوى لموثقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) لا تزوج ابنة الأخ ولا ابنة الأخت على العمة ولا على الخالة إلا بإذنهما ورواية الحذاء عنه (ع) لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها إلا بإذن العمة والخالة وفي رواية علي بن جعفر عن أخيه (ع) لا تزوج بنت الأخ والأخت على العمة والخالة إلا برضى منهما فمن فعل فنكاحه باطل وفي معناها غيرها أما معه فالمشهور الجواز عملا بالاستثناءات وعموم و أحل لكم ما وراء ذلكم ونحوه بل نقل عليه الاجماع اطراحا لخلاف الصدوق حيث أطلق المنع لاطلاق صحيحة أبي عبيدة عن أبي عبد الله (ع) لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على أختها من الرضاعة وصحيحة مالك بن عطية عنه (ع) لا تنكح المرأة على خالتها وتزوج الخالة على ابنة أختها وصحيحة أبي الصباح عنه (ع) لا يحل للرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها وكلها مخالفة لظاهر الكتاب موافقة لما أطبق عليه القوم كما قاله الشيخ طاب ثراه مع أن المطلق يحمل على المقيد وهو بإزاء التفريط المحكي عن بعض القدماء حيث أطلق الجواز لعمومات الإباحة ومع ذلك فتركهما مطلقا احتياط
(٢٦٥)