فصل كما تؤمر فقال علي (ع) لا والله لا أفعل فخرج عثمان فصلى بهم أربعا فلما كان في خلافة معاوية واجتمعوا الناس عليه وقتل أمير المؤمنين (ع) حج معاوية فصلى بالناس بمنى ركعتين الظهر ثم سلم فنظرت بنو أمية بعضهم إلى بعض وثقيف ومن كان من شيعة عثمان ثم قالوا قد قضى على صاحبكم وخالفه و أشمت به عدوه فقاموا فدخلوا عليه فقالوا أتدري ما صنعت ما زدت على أن قضيت على صاحبنا وأشمت به عدوه ورغبت عن سنته وصنيعه فقال ويلكم أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى في هذا المكان ركعتين وأبو بكر وعمر وصلى صاحبكم ست سنين كذلك فتأمروني أن أدع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وما صنع أبو بكر وعمر وعثمان قبل أن يحدث فقالوا لا والله ما نرضى عنك إلا بذلك قال فأقبلوا فإني متبعكم وراجع إلى سنة صاحبكم فصلى العصر أربعا فلم يزل الخلفاء والأمراء على ذلك إلى اليوم انتهى وبه علل المصنف في حواشي المفاتيح سقوط صلاة العيد يوم النحر بمنى لأن الناس حينئذ مسافرون لكن في صحيحة سعد بن سعد عن الرضا (ع) ما ينافي هذا التعليل والوجه أنه للاشتغال بأفعال الحج وإنما يشرع التقصير للمسافر ما لم ينقطع سفره ولفظة دونها في هذا الموضع مما توافق فيه ما وقفنا عليه من النسخ ولا يعرف له وجه وإنما ينقطع بعزم إقامة عشرة أيام متتابعة معقبا بفريضة بتمام أو مستدام الحكم أو مضي ثلاثين يوما متتابعة عليه مترددا أي من غير عزم العشرة في محل واحد عرفا ولا ينافي ذلك خروجه عن دار منزله إلى المحال القريبة ولو كانت خارجة عن سور البلد مثلا ما لم يصدق عليها سفر جديد كمسجد الكوفة للنازل في المشهد الغروي و نحو ذلك لأن عازم الإقامة حاضر حيث يلزمه التمام وكذا المتردد ثلاثين ولم يثبت كون الخروج على الوجه المذكور مؤثرا فيهما بالنقل عن حكمهما الثابت شرعا إلى غيره فتحتسب الثلاثون من مبدأ التردد للخارج في أثنائها وقد حاول بعض المعاصرين اثبات ذلك بما لا يسمن ولا يغني من جوع وفي صحيحة أبي ولاد الحناط عن أبي عبد الله (ع) إن شئت فانو المقام يعني في المدينة عشرا وأتم وإن لم تنو المقام فقصر ما بينك وبين شهر فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة مع جريان العادات قديما وحديثا بخروج قادم المدينة إلى البقيع وقبا واحد وغيرها وفي معناها روايات صحيحة متواردة بلفظ الشهر كما اعتبره بعضهم ولم يرد اعتبار الثلاثين يوما إلا في حسنة أبي أيوب وكأنهم حملوها عليها لأن الشهر كالمجمل والثلثين كالمبين ولعل الأظهر في الجمع الاكتفاء بالهلالي للمتردد في أوله واعتبار الثلاثين للمتردد في أثنائه ويأتي نظيره أو بالوصول إلى بلد يكون له فيه منزل يستوطنه وصحيحة ابن بزيع التي هي أصل الباب إنما وردت بلفظ الضيعة قال سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن الرجل يقصر في ضيعته قال لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام إلا أن يكون له بها منزل يستوطنه قال قلت له ما الاستيطان فقال أن يكون له بها منزل يقيم فيه ستة أشهر فإذا كان كذلك يتم فيه متى يدخله وهي ظاهرة في اعتبار دوام الاستيطان بتجديده كل مدة بحيث لا يزول صدقه عملا بمدلول صيغة المضارع سواء كان ذلك في كل سنة أو في أكثر منها و تخصيصه بكل سنة افراط في مقابلة تفريط من اكتفى بالتفريق ولو يوما يوما مرة واحدة في مدة العمر فإن انقطع السفر بأحدهما فقد صار سفرين بينهما حضور فيختص كل بحكمه والثاني أن لا يكون السفر عمله كالمكاري والراعي والملاح والبريد فإنهم يتمون في السفر والحضر على المشهور لكنهم اختلفوا في التعبير عن هذا الشرط ففي الدروس أن لا يكثر سفره وفي الذكرى والشرايع و جملة من كتب العلامة أن لا يكون سفره أكثر من حضره وفي المعتبر والمنتهى أن لا يكون ممن يلزمه الاتمام سفرا واختلفوا في تحقق ذلك وبتعاقب سفرين أو ثلاثة أسفار من غير قاطع ثم في اشتراط أن لا ينوي في بلده أو مطلقا عشرة أيام وفي العشرة الحاصلة بعد التردد في ثلاثين وفي حكم ما لو أقام خمسة في بلده والنصوص خالية عن جميع ذلك كله وإن كان ما هنا أوفق بها في الجملة والأجود الاقتصار على ألفاظ الروايات وإناطة الحكم بصدق الأوصاف المذكورة عرفا فكل من أطلق عليه اسم المكاري لزمه التمام إلا إذا جد به السير وشق له مشقة شديدة كما في صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال المكاري والجمال إذا جد بهما السير فليقصرا وموثقة الفضل بن عبد الملك قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المكاريين الذين يختلفون فقال إذا جدوا السير فليقصروا قال الكليني معنى جد به السير يجعل منزلين منزلا وقال الشيخ في كتابي الأخبار الوجه في الخبرين ما ذكره محمد بن يعقوب من الحمل على من يجعل المنزلين منزلا فيقصر في الطريق ويتم في المنزل ويكشف عن ذلك مرفوعة الأشعري عن أبي عبد الله (ع) قال المكاري والجمال إذا جد بهما السير فليقصرا فيما بين المنزلين ويتما في المنزل انتهى وفيه احتمال أن يكون المراد بالمنزلين المنزل الذي يبتدي منه والذي ينتهي إليه وأما المتأخرون فاختلفوا في تنزيلهما على معان أظهرها الرجوع إلى العرف والقول بوجوب التقصير عليه في هذه الحالة كما اختاره المصنف وصاحب المنتقى وبعض من عاصرناهم لعدم باعث على التأويل نعم يمكن تخصيص جد السير بما ذكره الكليني لأنه من أرباب النصوص مع أنه غير بعيد عن الاطلاق العرفي وأما اعتبار المشقة الشديدة فالنصوص كما ترى خالية عنه إلا أنها من لوازم الجد في السير عادة ولقد كان الاقتصار على ما في الروايات أجود والثالث أن يكون السفر جايزا له ابتداء واستدامة فلا يقصر العاصي بسفره سواء كانت المعصية نفسه كالإباق والفرار من الزحف أو غايته كالوفود على الجاير لغير مصلحة شرعية وسواء كانت مقصودة
(١١٧)