مذهب أصحابنا خلافه وتوقف إقامة الحدود على حضور الإمام ممنوع كما يأتي في محله وفقرة الدعاء لا دلالة فيها على أزيد من تظلمه (ع) من أعدائه الذين كانوا مغصوبا بهم ممنوعا عن إقامتها وأين هذا من الدلالة على أنه لا يجوز لأوليائهم إقامتها في زمن غيبة الإمام على أنه لو تم لزم مثله في الأضحى مع الاجماع على مشروعيتها فيه وما أجاب به بعض الموافقين من المعاصرين من صدق الخلفاء على رواة الأخبار كما في الحديث النبوي اللهم ارحم خلفائي قيل ومن خلفاؤك قال الذين يروون حديثي ويستنون بسنتي فإنما يتجه على مذهب من يشترط الفقيه وقد عرفت أنه لا وجه له وما وجهه به المصنف في المفاتيح وغيره من اشتراط الاستفتاء منه في فعلها إن لم يكن هو هو لشبهة الخلاف فلا وجه له أيضا إذ يأبى عنه كلام المشترطين غاية الإباء بل لا ريب في أن مرادهم من اشتراط الفقيه اشتراط إمامته بنفسه وأيضا لا اختصاص لهذا الاشتراط بمسألة الجمعة بل هي مطردة في جميع الخلافيات على أنه لا يشك من له أدنى أنس بكلامهم أنهم إنما يريدون من الفقيه المجتهد المطلق وهو النايب العام عندهم ولا يلزم من انتفاء هذا الوصف عن إمام الجمعة كونه مقلدا محضا ليتعين الاستفتاء لجواز كونه متجزيا بناء على جوازه كما عليه كثير من المحققين منهم المصنف ويدل عليه رواية أبي خديجة وكذا لا برهان لاشتراط معاشرة إمام الصلاة على وجه يطلع على أحواله الباطنة أو شهادة عدلين أو الشياع لمعرفة العدالة كما عليه جماعة من المتأخرين بل يكتفى بعدم ظهور خلافها كما عليه جماعة من القدماء فإن المدلول عليه بالأخبار أن الفسق مانع لا أن العدالة شرط لكن ورد في بعضها النهي عن الاقتداء بالمجهول وأن الظاهر حمله على مجهول الايمان فإن تحرى إماما حسن الظاهر فقد أخذ باليقين و خرج عن وسوسة الخروج عن بعض الظواهر وقد استقصينا الكلام في هذا المقام في المسائل العلوية وإذا أثارت إقامة الجمعة فتنة عامة أو خاصة تركت كما يترك غيرها من الفرايض لذلك وهذا من أقوى الأسباب الظاهرة في تعطيل هذه الفضيلة في أزمنة الأولة إذ كانت أعصار هدنة فتداعت الحال إلى أن اتخذه المنكرون حجة والموضوع عنهم الجمعة وهم المرأة والعبد والمسافر والمريض والهم والأعمى ومن يتحرج بالحضور متى حضروها لزمتهم لأن وضعها عنهم رخصة لهم أن لا يأتوها فإذا أتوها سقطت الرخصة عنهم ولزمهم الفرض الأول كما في رواية حفص بن غياث عن أبي عبد الله (ع) ولم يطلع المصنف في الكتابين على الخلاف في ذلك فيما سوى المرأة فقيل إنها كغيرها وصرح بعضهم بالمساواة في الوجوب والفرق بأنها لا تعد من العدد ولا ينعقد بها الفرض وبالغ المحقق في انكار الوجوب عليها وقال إنه مخالف لما عليه اتفاق فقهاء الأمصار وكأنه الذي حمل المصنف على استثنائها مع صراحة الرواية التي هي أصل الباب في مساواتها للمسافر والعبد وقد نفي الخلاف فيهما فيهما وإن كان موجودا وكلامه في المسألة هنالك لا يخلو عن اضطراب والخطبتان في يومي العيدين محلهما بعد الصلاة وتقديمهما بدعة أموية وليستا فيها شرطا في الصحة كما في الجمعة عند العلامة والشهيد وغيرهما لاستحبابهما على المشهور فلا يكونان شرطا في الواجب وعدم وجوب استماعهما ولا حضورهما والقول بوجوبهما ضعيف عند المصنف ومن وافقه قوي بحسب الدليل وإذا اختلت الشرايط فيهما كلا أو بعضا مطلقا صليت فرادى استحبابا على المشهور والقول بعدم مشروعية الانفراد فيها ضعيف والذي تدل عليه الروايات إنما هو استحباب الاتيان فرادى عند تعذر الجماعة وعدم اجتماع العدد خاصة دون اختلال باقي الشرايط وفي جواز الجماعة فيها حينئذ قولان أحوطهما الترك ويختص الصلاة الآية في وجوبها باشتراط حصول شئ من أسبابها الموجبة من كسوف أو خسوف أو زلزلة أو ريح مظلمة أو غيرها من أخاويف السماء المخوفة لعامة الناس كالحمرة الشديدة والصيحة والصاعقة الخارجة عن قانون العادة والمطر الأسود والبرد الكبير جدا والضابط كل أمر مخوف للعامة والقول باستحبابها في الزلزلة كما نقله في المفاتيح أو فيما يليها كما في المعتصم شاذ مجهول القائل وزاد فيهما العلم بالآية لاستحالة تكليف الغافل نعم يجب القضاء في الكسوفين مع الاستيعاب وعدم العلم ولكنه فرض مستأنف وفي التصريح بكونها أسبابا تنبيه على تمريض ما ذهب إليه بعضهم من اشتراط اتساع الوقت في غير الزلزلة جعلا لها من قبيل الأوقات وقبح التكليف بما يقصر وقته المعين عنه ويختص شرعية التقصير في السفر بشروط أربعة أحدها قصد المسافة ابتداء واستدامة فلو خرج من دون قصدها أتم ولو تمادى به السير وكذا لو رجع عنه قبل بلوغها واختلف في حد المسافة اختلافا فاحشا بسبب اختلاف الأخبار وأجود ما يجمع به بينها ما ذهب إليه المصنف ومن وافقه من المتقدمين والمتأخرين من أنها ثمانية فراسخ هي بريدان ومسير يوم تام للإبل القطار فصاعدا سواء كانت ذهابا فقط أو مع الإياب كما إذا أراد أن يسافر إلى أربعة فراسخ ثم يؤوب وقع الإياب في يومه الذي ذهب فيه أولا خلافا للمشهور في الأخير ومنهم من خير فيه مطلقا وخصصه بعضهم بالصلاة دون الصوم ومنهم من خير في الأخيرين جميعا مع كون القصر أفضل وفي عدة روايات ويحهم كأنهم لم يحجوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله بعرفات فيقصروا والسفر إلى عرفات لا يتحقق فيه الإياب في اليوم وفي الحسن عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال حج النبي صلى الله عليه وآله فأقام بمنى ثلاثا يصلي ركعتين ثم صنع ذلك أبو بكر ثم صنع ذلك عمر ثم صنع ذلك عثمان ست سنين ثم أكملها عثمان أربعا فصلى الظهر أربعا ثم تمارض ليشد ذلك بدعته فقال للمؤذن اذهب إلى علي فقل له فليصل بالناس العصر فأتى المؤذن عليا فقال له إن أمير المؤمنين عثمان يأمرك أن تصلي بالناس العصر فقال إذن لا أصلي إلا ركعتين كما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله فذهب المؤذن فأخبر عثمان بما قال علي (ع) فقال اذهب إليه وقل له إنك لست من هذا في شئ اذهب
(١١٦)