بحق النيابة اجماعا وفيه من الخلل ما لا يخفى فإن انحصار النايب في مثل القضاء والافتاء و إقامة الحدود ونحوها في الفقيه لا يقتضي انحصاره في إمامة الجمعة فيه مع ورود الرخص بل الأوامر المطلقة الصريحة بذلك من دون تقييد ولا ابهام كقول أبي جعفر (ع) في صحيحة زرارة إذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم وقول أبي عبد الله (ع) في موثقة الفضل بن عبد الملك إن كان لهم من يخطب بهم جمعوا إذا كانوا خمسة نفر ونحوهما من النصوص وإرادة الإمام ونائبه خاصة من بعضهم ومن يخطب الغاز ينزه عنه كلام المعصوم وما الباعث على تأويل لا معارض له والخروج من مدلول العمومات والاطلاقات من غير مخصص ومقيد وكذا الكلام بل أبلغ في اشتراط حضوره (ع) بنفسه أو نايبه الخاص في مطلق الوجوب وانتفائه زمن الغيبة فلا تنعقد فيه كما ذهب إليه ابن إدريس ومن وافقه تمسكا بوجوه أ أنه مجمع عليه عندنا ب أن فرض الظهر ثابتة في الذمة بيقين فلا يبرء المكلف إلا بفعلها ج أنه من الشبهات لاختلاف الأخبار والأقوال فيها فالنجاة في تركها د إنه لو لم يكن الإمام أو نايبه الخاص شرطا لصلاة الجمعة لم يكونا شرطا لها في زمن الحضور والتالي باطل فالمقدم مثله بيان الملازمة أن ما لا يكون شرطا في نفس الأمر مطلقا لا يكون شرطا في زمن من الأزمنة كالصلاة اليومية فإنهما أي الإمام لما لم يكونا شرطا لها في زمان الحضور لم يكونا شرطا لها مطلقا ه ما ورد عن أمير المؤمنين (ع) أنه إذا قدم الخليفة مصرا من الأمصار جمع بالناس ليس ذلك لأحد غيره وعن طلحة بن زيد عنه (ع) أنه لا جمعة إلا في مصر تقام فيه الحدود وعن سيد الساجدين (ع) في دعاء يومي الأضحى والجمعة من الصحيفة اللهم إن هذا المقام لخلفائك وأصفيائك ومواضع أمنائك والدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها الدعاء وحال الاجماع مما قد عرفته وتيقن فرض الظهر يوم الجمعة نفس الدعوى فلا يستقيم الاحتجاج به وتيقنه في غيرها من الأيام لا يجدي بل الثابت بأصل الشرع هو الجمعة وهي أول صلاة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله ويتحقق التكليف بها واستمر ذلك ثم حصلت الرخصة وجواز الاكتفاء بالظهر بالنسبة إلى جماعة كما في صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى قال نزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وآله في سفر فقنت فيها وتركها على حالها في السفر والحضر وأضاف للمقيم ركعتين وإنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي صلى الله عليه وآله يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الإمام فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها أربعا كصلاة الظهر في سائر الأيام وفي معناها غيرها فالتكليف بالظهر أمر طار واحتياج حصول البراءة بها مطلقا إلى الاثبات أظهر وكون الجمعة من الشبهات غير ظاهر والاستدلال عليه باختلاف الأقوال والأخبار ضعيف جدا فإن مجرد اختلاف العلماء في حكم لا يقتضي انخراطه في سلك الشبهات وإلا لانحصرت البينات في الاجماعيات وهي أقل قليل سيما في الأعصار اللاحقة على أن الحق أنه لا عبرة بالخلاف والوفاق وإنما العبرة بالدليل وكذا اختلاف الأخبار لما مر من أنه قلما يسلم خبر عما ينافيه فيجب الترجيح بالوجوه المأثورة والعمل بالراجح ولا شبهة حينئذ والمتتبع لا يشك في أن المسألة من المواضع النادرة التي لا اختلاف في رواياتها مع كثرتها لأنها بين دال على الوجوب في الجملة ودال على الوجوب بشرط الإمام ودال على أن الإمام المشروط هو إمام الجماعة وهذه معان متوافقة لا تناقض فيها ولا اختلاف ولو سلم أنها من الشبهات فليست من الشبهات التي لا نجاة إلا في تركها لانحصار تلك فيما يدور أمره بين التحريم وما عدا الوجوب و أما الجمعة وما يضاهيها مما يدور أمره بين الوجوب والتحريم فليست من ذلك القبيل إذ كما في فعلها احتمال الوقوع في المحظور كذلك في تركها لاحتمال الوقوع في ترك الواجب فالشبهة بالحقيقة إنما هي الاجتزاء بها دون أصل فعلها وهذا مطرد في كل اشتباه وقع بين فعلين وجودين كما سبق التنبيه عليه فمقتضى كونها شبهة الاتيان بها ثم إعادتها ظهرا وما قيل من أنه يمكن حصول النجاة بالتوقف عن فعلها حتى يخرج وقتها ثم الاتيان بالظهر إذ لا شبهة في براءة الذمة حينئذ فمردود بأن الاتيان بالظهر أنما يحصل يقين البراءة عما يجب في الوقت الثاني لا سقوط العقاب على تفويت ما كان واجبا في الوقت الأول كما هو واضح وأما دليل التلازم فإن أريد باشتراط الإمام أو نايبه في صلاة الجمعة اشتراطهما في وجوبها كما هو ظاهر تنظيره أخيرا بالصلاة اليومية فظاهر أنه على تقدير تمامه غير مستلزم للمطلوب لانطباقه على الوجوب التخييري أيضا وإن أريد اشتراطهما في صحتها كما هو المطلوب فما ذكر لاثبات الملازمة مردود بكثير من المعتبرة عند الامكان الساقطة عند التعذر كالطهارة المائية والستر بالنسبة إلى الصلاة فإن اشتراطهما عند الامكان لا يستلزم اشتراطهما مطلقا حتى تكون الصلاة ساقطة عند تعذرهما فليكن الإمام أو نائبه بالنسبة إلى الجمعة من هذا القبيل يشترط عند الامكان أعني زمن الحضور ولا يشترط زمن الغيبة كالقضاء العام في اشتراط الإذن الخاص فيه عند الحضور دون الغيبة فيمنع دليل الملازمة بدليل التلازم فيقال لو كان كل ما يشترط في زمن من الأزمنة يشترط مطلقا لزم عدم تحقق القضاء زمن الغيبة وسقوط الصلاة عند تعذر طهارة المائية والساتر والتالي باطل فالمقدم مثله والملازمة بينة وحديث أمير المؤمنين (ع) إنما يدل على أنه لا يجوز التقدم على إمام الأصل عند حضوره وهو غير المطلوب وطلحة بن زيد عامي وروايته موافقة لبعض مذاهبهم المشهورة من اشتراط المصر والمعروف من
(١١٥)