فلما وصلوا إلى المدينة لقوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحيوه بتحية الجاهلية، وهي (أنعم صباحا) فضربت لهم قبة في ناحية المسجد ليسمعوا القرآن ويروا الناس إذا صلوا فكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى اكتتبوا كتابهم، وكان خالد هو الذي كتب الكتاب بيده. (وراجع الطبقات 4: 96).
اكتتبوا وأسلموا وشرطوا لهم شروطا رد بعضها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقبل نبذا منها، وكان فيما شرطوا أن يدع لهم الطاغية، وهي اللات لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى (صلى الله عليه وآله) عليهم ذلك، فما برحوا يسألونه سنة سنة، ويأبى عليهم حتى سألوه شهرا واحدا بعد مقدمهم، فأبى عليهم وهم يريدون أن يتسلموا بذلك من أذى سفهائهم ونسائهم حتى يدخلهم الاسلام (1) فأبى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أن يرسل أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة فيهدماها، وفيما شرطوا لأنفسهم أن يعفيهم عن الصلاة وأن لا يكسروا أوثانهم بأيديهم فقال (صلى الله عليه وآله): " أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم عنه، وأما الصلاة فإنه لا خير في دين لا صلاة فيه، فقالوا: يا محمد فسنؤتيكها وإن كانت دناءة وسألوا أن يترك لهم الزنا والربا وشرب الخمر، فأبى (صلى الله عليه وآله) عليهم ذلك كله.
قال ابن الأثير في أسد الغابة في ترجمة تميم بن جراشة قال: " إنه (صلى الله عليه وآله) قال لهم:
اكتبوا ما بدا لكم ثم ائتوني به، فسألناه في كتابه أن يحل لنا الربا والزنا، فأبى علي (عليه السلام) أن يكتب لنا، فسألناه خالد بن سعيد بن العاص، فقال له علي (عليه السلام): تدري ما