فقال: علم أنهم سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا... فلم يحتمل لبشير ما احتمل لثقيف، ويشبه أن يكون إنما لم يسمح له لعلمه إنما يقبل إذا قيل له، وثقيف كانت لا تقبله في الحال، وهو واحد وهم جماعة، فأراد أن يتألفهم ويدرجهم عليه شيئا فشيئا (وراجع لسان العرب في حشر وعشر) (1).
كرر (صلى الله عليه وآله) هذا الشرط في أكثر كتب العهد والتأمين كما سيأتي وليس خاصا بثقيف، فلعل المراد من قوله (صلى الله عليه وآله): " لا يحشرون " الحشر إلى عامل الصدقة كما اختاره أبو عبيد، والمراد من قوله (صلى الله عليه وآله): " لا يعشرون " عدم العشر في أموالهم كما كان معروفا قبل الاسلام، واختاره أبو عبيد أيضا.
فكان (صلى الله عليه وآله) يشترط لكل قبيلة أسلمت أن يؤخذ صدقات أنعامهم في مرعاها، فلا يحشر إلى المصدق، وأن لا يؤخذ العشر منهم كما كان معروفا قبل الاسلام من عمل الملوك والرؤساء، فليس إسقاطا للصدقة والجهاد كما قيل حتى يحتاج إلى التأويل.
كانت ثقيف أبعد الناس عن الدين وأحكام الاسلام فتحمل عنهم ذلك (لو كان المراد من العشر الصدقة الواجبة ومن الحشر الجهاد) كي يرغبوا في الاسلام ويدخل الايمان في قلوبهم وفي الحديث: " أمرت بمداراة الناس كما أمرت بتبليغ الرسالة " (أعيان الشيعة وتحف العقول) (2) أو " أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بتبليغ الرسالة: (أمالي شيخ الطائفة: 306) فداراهم فأسلموا ثم جاهدوا وتصدقوا. ولكن هذا الاحتمال بعيد، لما ذكرنا من اشتراط عدم الحشر والعشر في كثير من كتب العهد كما يأتي، ولأن ثقيف كانوا يطلبون منه (صلى الله عليه وآله) ما هو أصعب عليهم