أما " الشاذ " و " النادر " فهو عندنا وعند الشافعي: ما خالف المشهور وإن كان راويه ثقة، لا أن يروي ما لا يرويه غيره. وقد عمل بعضهم به، كما اتفق للشيخين في صحيحة زرارة في من دخل في الصلاة بتيمم ثم أحدث أنه: " يتوضأ حيث يصيب الماء، ويبني على الصلاة " (1) وإن خصاها بحالة الحدث تأسيا.
وأما " المنكر ": فما خالف المشهور، وكان راويه غير ثقة.
وقد يطلق " الشاذ " عندنا خاصة على ما لم يعمل بمضمونه العلماء، وإن صح إسناده ولم يعارضه غيره أو تكرر.
وقال بعض العامة: " الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد؛ تفرد به ثقة أو غيره " (2).
وهو مشكل؛ فإن أكثر أحاديثنا وأحاديثهم من هذا القبيل، ولم يطلق أحد عليها اسم الشاذ.
وقد يطلق على الشاذ اسم " المنكر ".
وقال بعض المحدثين: " الشاذ هو الفرد الذي لا يعرف متنه من غير راويه " (3).
وفصل ابن الصلاح من العامة فقال: " الحديث إن خالف من تفرد به أحفظ منه وأضبط؛ فشاذ مردود، وإن لم يخالف وهو عدل ضابط، فصحيح، وإن رواه غير عدل ضابط لكن لا يبعد عنهما؛ فحسن، وإن بعد فمنكر " (4).
فالمنكر - على هذا -: ما يرويه الضعيف مخالفا لما رواه الناس، كما قدمناه.
واعلم أن قول الفقهاء والمحدثين: " هذا الحديث تفرد به فلان " أو " لم يروه سوى فلان " لا يقتضي ذلك في الحديث شذوذا ولا نكرا، بل يبقى له حكمه المقرر. وأولى بذلك ما لو قالوا: تفرد به أهل الحجاز أو العراق.