رسائل في دراية الحديث - أبو الفضل حافظيان البابلي - ج ١ - الصفحة ٤١٠
أما " الشاذ " و " النادر " فهو عندنا وعند الشافعي: ما خالف المشهور وإن كان راويه ثقة، لا أن يروي ما لا يرويه غيره. وقد عمل بعضهم به، كما اتفق للشيخين في صحيحة زرارة في من دخل في الصلاة بتيمم ثم أحدث أنه: " يتوضأ حيث يصيب الماء، ويبني على الصلاة " (1) وإن خصاها بحالة الحدث تأسيا.
وأما " المنكر ": فما خالف المشهور، وكان راويه غير ثقة.
وقد يطلق " الشاذ " عندنا خاصة على ما لم يعمل بمضمونه العلماء، وإن صح إسناده ولم يعارضه غيره أو تكرر.
وقال بعض العامة: " الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد؛ تفرد به ثقة أو غيره " (2).
وهو مشكل؛ فإن أكثر أحاديثنا وأحاديثهم من هذا القبيل، ولم يطلق أحد عليها اسم الشاذ.
وقد يطلق على الشاذ اسم " المنكر ".
وقال بعض المحدثين: " الشاذ هو الفرد الذي لا يعرف متنه من غير راويه " (3).
وفصل ابن الصلاح من العامة فقال: " الحديث إن خالف من تفرد به أحفظ منه وأضبط؛ فشاذ مردود، وإن لم يخالف وهو عدل ضابط، فصحيح، وإن رواه غير عدل ضابط لكن لا يبعد عنهما؛ فحسن، وإن بعد فمنكر " (4).
فالمنكر - على هذا -: ما يرويه الضعيف مخالفا لما رواه الناس، كما قدمناه.
واعلم أن قول الفقهاء والمحدثين: " هذا الحديث تفرد به فلان " أو " لم يروه سوى فلان " لا يقتضي ذلك في الحديث شذوذا ولا نكرا، بل يبقى له حكمه المقرر. وأولى بذلك ما لو قالوا: تفرد به أهل الحجاز أو العراق.

١. تهذيب الأحكام ١: ٢٠٥ ح ٥٩٥، باب في التيمم وأحكامه؛ والاستبصار باب من دخل في الصلاة بتيمم ١ / ١٦٧ ح ٥٨٠؛ ومن لا يحضره الفقيه باب التيمم ١ / ٥٨ ح ٢١٤.
٢. حكاه في مقدمة ابن الصلاح: ٦١ - ٦٢؛ وتدريب الراوي ١: ٢٣٣؛ والمنهل الروي: ٥٠.
٣. معرفة علوم الحديث: ١١٩.
٤. مقدمة ابن الصلاح: ٦٣.
(٤١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 ... » »»
الفهرست