وكيف كان، هو اختلاف في الاصطلاح.
وقد يطلق عليه " المتصل " و " المعنعن " وإن كان كل منهما أعم منه.
وقد يطلق نادرا " الصحيح " على: سليم الطريق من الطعن، وإن اعتراه إرسال أو قطع، فيطلق على ما كان رجاله المذكورون عدولا وإن اشتمل بعد ذلك على أمر آخر؛ فيقولون: " روى ابن أبي عمير في الصحيح " وإن كانت تلك الرواية مرسلة أو مقطوعة، أو كان ذلك الراوي لها - الذي أسندت إليه - ليس عدلا إماميا، ولكن صح ما سواه، وإذا قيل: " صحيح " فهذا معناه، لا أنه مقطوع بصحته، وإذا قيل: " غير صحيح " فمعناه لم يصح إسناده، لا أنه كذب.
ولا شبهة في تفاوت طبقات صحة الصحيح، كما تتفاوت طبقات ضعف الضعيف، وحسن الحسن.
وهو مقبول عند أكثر أصحابنا المتأخرين مطلقا، وعند الكل إذا اعتضد بقطعي، كفحوى الكتاب، أو فحوى المتواتر، أو عمومهما، أو دليل العقل، أو كان مقبولا بين الأصحاب.
وقد يقبلون غير الصحيح أيضا إذا اعتضد بما ذكرناه، ويردون الخبر مطلقا:
بمخالفة مضمونه الكتاب، أو السنة، أو الإجماع؛ لامتناع ترجيح الظن على العلم، وبإعراض الأكثر عنه، وبمعارضته أقوى إسنادا أو متنا، أو لمرجح من المرجحات.
إذا عرفت ذلك، فصحاح العامة كلها وجميع ما يروونه غير صحيح، فلا يحكم بكذب كل واحد واحد من أحاديثها ولا بصدقه إلا بدليل من خارج، ولهذا لم يزل علماؤنا المتقدمون والمتأخرون يتداولون نقل صحاحهم ورواياتهم بالرواية، وصار ذلك متعارفا بينهم حتى اتصل إلينا من طرقنا وطرقهم، وإنما نقلها أصحابنا لما يترتب عليها من جواز العمل بالسنن والآداب وفضائل الأعمال والمواعظ وكل ما لا يتعلق بالأحكام وصفات ذي الجلال والإكرام، على ما اشتهر بين العلماء.
ويمكن أن يستدل لذلك بحديث: " من بلغه شئ من أعمال الخير فعمل به أعطاه