لأن اللفظ: إن كان له معنى واحد لا يحتمل غيره فهو " النص ".
وإن احتمل؛ فإن تساوى الاحتمالان فهو " المجمل ".
وإن ترجح أحدهما؛ فإن أريد المرجوح لدليل فهو " المؤول ".
وإن أريد الراجح فهو " الظاهر ".
ورجحانه إما بحسب الحقيقة الشرعية، كدلالة الصوم على الإمساك (1) عن المفطرات، أو بحسب العرف، كدلالة الغائط على الفضلة (2). وهذان وإن كانا نصين باعتبار الشرع والعرف إلا أن إرادة الموضوع له الأول لم تنتف انتفاء يقينيا.
ومن الراجح: " المطلق "؛ وهو اللفظ الدال على تعلق الحكم بالماهية لا بقيد منضم، دلالة ظاهرة.
ومنه: " العام "؛ وهو اللفظ الدال على اثنين فصاعدا من غير حصر؛ فإن دلالته على استيعاب الأفراد ظاهرة لا قاطعة.
وقد ينقسم باعتبار آخر إلى " حقيقة " و " مجاز " و " مشترك " و " منقول " (3) و " مطلق " و " مقيد " و " عام " و " خاص " و " مبين " في نفسه، وما لحقه البيان وهو " المبين " - اسم فاعل - و " ناسخ " و " منسوخ "؛ أي يأتي في ألفاظه هذه الأمور، وتحقيق ذلك ونحوه من وظائف الأصولي، وإنما الواجب على المحدث معرفتها من الأصول؛ ليضع الأحاديث على مواضعها منها، فيعطي كل حديث حقه إذا أراد العمل بالأحاديث، وذلك من وظائف الفقيه، فإذا عرفها وأعطى الحديث حقه من ذلك عمل به بعد صحة سنده.
وإنما نبهنا على ذلك لئلا يجترئ بعض القاصرين عن درجة الاستنباط على العمل بما يجده من الأحاديث صحيحا؛ فإن دون العمل به بعد صحة سنده بيدا لا تكاد تبيد.