وكيف تركن النفس حينئذ إلى صدق باقي ما نقلوه؟!
ونحن بحمد الله قد أفادنا الكتاب العزيز، والسنة الثابتة عندهم، والأحاديث الصحيحة عندنا - الكثيرة المستفيضة، بل المتواترة معنى - والبراهين القاطعة المقررة في الكلام، علما ضروريا بعصمة الفرقة الأولى، فضلا عن عدالتها، وبكفر الفرقة الثانية، فضلا عن فسقها، بحيث لا نشك فيه ولا نمتري.
ولو تنزلنا وسلمنا أنه في نفس الأمر ليس كذلك، لم نكن مأثومين؛ حيث إن هذا هو الذي أدانا إليه اجتهادنا (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (1).
والعجب! كيف جوزوا الاجتهاد في تخلف أبي بكر وعمر عن جيش أسامة، وقد لعن النبي من تخلف عنه؟!
وفي إحراقهما بالنار عليا وفاطمة والحسن والحسين، وهم أهل البيت الذين طهرهم الله وحث النبي على التمسك بهم، وأكد في الوصية بهم؟!
وفي سفك الصحابة بعضهم دم بعض، وسفك طلحة والزبير وعائشة دماء الأنصار والمهاجرين، وقتال أمير المؤمنين؟!
وفي قتال معاوية عليا وسفك دمه ودم من معه من الأنصار والمهاجرين؟!
ولم يجوزوا لأئمتنا وأكابر علمائنا الاجتهاد في سبهم، والعدول عما نقلوه من أحكام الدين إلى ما نقلوه عن أهل البيت المطهرين، بعد ما نقلوه في شأن الفريقين من الأمر الواضح المبين؟؟!
ولما رأينا الإله العظيم ورسوله الكريم، قد مدحا أهل البيت وأمرا بالتمسك بهم كما ذكرناه، وذما عامة أصحابه ونصا على ارتدادهم بعده بما نقلناه؛ تمسكنا بأهل البيت المطهرين الذين أخبر النبي أن المتمسك بهم لن يضل أبدا، ونقلنا أحاديثهم وأخذنا معالم شرعنا عنهم، ورفضنا عامة أصحابه وطرحنا ما تفردوا بنقله، إلا من علمنا منه الصلاح كسلمان والمقداد وعمار بن ياسر وأبي ذر وأشباههم من أتقياء