وحظا للمستحق بإيصاله إلى حقه، ولأنه يستحق إتلاف نفسه ومنفعته فإذا تعذر استيفاء النفس لعارض بقي إتلاف المنفعة سالما عن المعارض، وقد حبس معاوية هدبة بن خشرم في قود حتى بلغ ابن القتيل فلم ينكر ذلك وكان في عصر الصحابة. (وليس لأبيهما) أي الصغير والمجنون (استيفاؤه) لهما (كوصي وحاكم) لأن القصد التشفي وترك الغيظ، ولا يحصل ذلك باستيفاء الأب أو غيره بخلاف الدية، فإن الغرض يحصل باستيفائه، ولان الدية يملك استيفاءها إذا تعينت والقصاص لا يتعين. (فإن كانا محتاجين إلى نفقة فلولي مجنون العفو إلى الدية دون ولي الصغير نصا)، لأن المجنون ليس في حالة معتادة ينتظر فيها إفاقته ورجوع عقله بخلاف الصبي، وتقدم في اللقيط ما في ذلك. (وإن ماتا) أي الصغير والمجنون (قبل البلوغ والعقل قام وارثهما مقامهما فيه)، أي في استيفاء القصاص، لأنه حق لهما فانتقل بموتهما إلى وارثهما كسائر حقوقهما. (وإن قتلا قاتل أبيهما أو قطعا قاطعهما) أي الصغير والمجنون (قهرا) سقط حقهما، لأنه أتلف عين حقه فسقط الحق أشبه ما لو كان لهما وديعة عند شخص فأتلفاها. (أو اقتصا ممن لا تحمل العاقلة ديته كالعبد سقط حقهما) وجها واحدا، لأنه لا يمكن إيجاب ديته على العاقلة فلم يكن إلا سقوطه. الشرط (الثاني: اتفاق المستحقين له) أي القصاص (على استيفائه)، لأن الاستيفاء حق مشترك لا يمكن تبعيضه، فلم يجز لاحد التصرف فيه بغير إذن شريكه. (وليس لبعضهم استيفاؤه دون بعض) لأنه يكون مستوفيا لحق غيره بغير إذن، ولا ولاية له عليه أشبه الدين. (فإن فعل) بأن استوفى أحدهم القصاص بدون إذن الباقي، (فلا قصاص عليه) لأنه قتل نفسا يستحق بعضها فلم يجب قتله بها، لأن النفس لا تؤخذ ببعض نفس، ولأنه مشارك في استحقاق القتل فلم يجب عليه قود كالشريك في الجارية إذا وطئها. ويفارق ما إذا قتل الجماعة واحدا، فإنا لم نوجب القصاص بقتل بعض النفس. (ولشركائه في تركة الجاني حقهم من الدية) لأن حقهم من القصاص سقط بغير اختيارهم، فأشبه ما لو مات القاتل. (وترجع ورثة الجاني على المقتص بما فوق حقه) من الدية (فلو كان الجاني أقل دية من قاتله مثل: امرأة قتلت رجلا له ابنان قتلها أحدهما بغير إذن) الابن (الآخر، فللآخر نصف دية أبيه في تركة المرأة) التي قتلته كما لو
(٦٢٩)