فالسلطان ولي من لا ولي له، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه. لا يقال: يمكن حمل الرواية الأولى على نفي الكمال، لأن كلام الشارع محمول على الحقائق الشرعية، أي لا نكاح شرعي أو موجود في الشرع إلا بولي. ولا يقال: الثاني أيضا يدل على صحته بإذن الولي، وأنتم لا تقولون به مع أن قوله تعالى: * (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) (البقرة:
232) يدل على صحة نكاحها لنفسها. لأنه إضافة إليهن ولأنه خالص حقها. فصح منها كبيع أمتها. لأنه خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له. لأن الغالب أن المرأة إنما تزوج نفسها بغير إذن وليها. وأما الآية فالنهي عن العضل عم الأولياء. ونهيهم عنه دليل على اشتراطهم. إذ العضل لغة المنع. وهو شامل للعضل الحسي والشرعي. ثم الآية نزلت في معقل بن يسار، حين امتنع من تزويج أخته، فدعاه النبي (ص) فزوجها. ولو لم يكن لمعقل ولاية وأن الحكم متوقف عليه لما عوتب عليه. والإضافة إليهن فلأنهن محل له. (فلو زوجت) امرأة (نفسها أو) زوجت (غيرها) كأمتها وبنتها وأختها ونحوها، (أو وكلت) امرأة (غير وليها في تزويجها، ولو بإذن وليها فيهن)، أي في الصور الثلاث المذكورة، (لم يصح) النكاح لعدم وجود شرطه. ولأنها غير مأمونة على البضع لنقص عقلها وسرعة انخداعها. فلم يجز تفويضه إليها كالمبذر في المال. وإذا لم يصح أن توكل فيه، ولا أن تتوكل فيه. وروي هذا عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وعائشة. (فإن حكم بصحته حاكم) لم ينقض، (أو كان المتولي العقد حاكما) يراه (لم ينقض وكذلك سائر الأنكحة الفاسدة) إذا حكم بها من يراها لم ينقض. لأنه يسوغ فيها الاجتهاد فلم يجز نقص الحكم بها. (كما لو حكم بالشفعة للجار) ونحوه مما للاجتهاد فيه مساغ. وليس فيه مخالفة قاطع على ما يأتي تفصيله في القضاء، وهذا النص متأول. وفي صحته كلام، وقد عارضه ظواهر. (ويزوج أمتها بإذنها) أي المالكة (بشرط نطقها) أي المالكة (به) أي بالاذن (من يزوجها)، أي المالكة من أب وجد وأخ وعم ونحوهم. لأن مقتضى الدليل كون الولاية للمالكة. فامتنعت في حقها لقصورها، فتثبت لأوليائها كولاية نفسها. ولأنهم يلونها لو عتقت، ففي حال رقها أولى (ولو) كانت المالكة (بكرا) فلا بد من نطقها بالاذن، لأن صماتها إنما اكتفى به في تزويجها نفسها لحيائها. ولا تستحيي في تزويج أمتها. (إن كانت) المالكة (غير محجور عليها) لحظ