قبلي. والأنبياء منهم من لم يؤمر بالجهاد فلم تكن غنائم. والمأذون الممنوع منها، فتأتي نار من السماء فتحرقها إلا الذرية (وجعلت له ولأمته الأرض مسجدا) أي محل السجود، فأيما رجل أدركته الصلاة في مكان صلى. ولم تكن الأمم المتقدمة تصلي إلا في البيع والكنائس. (و) جعل له ولأمته (ترابها طهورا) أي مطهرا، وهو التيمم عند تعذر الماء شرعا. روى ذلك الشيخان وغيرهما: (ونصر بالرعب) أي بسبب خوف العدو منه (مسيرة شهر) أمامه، وشهر خلفه من جميع جهات المدينة، روى ذلك الشيخان. وجعلت الغاية شهرا، لأنه لم يكن إذ ذاك بينه وبين أعدائه أكثر من شهر. (وبعث إلى الناس كافة) قال تعالى: * (وما أرسلناك إلا كافة للناس) *. وأما عموم رسالة نوح بعد الطوفان لانحصار الباقين فيمن كانوا معه. وأرسل إلى الجن بالاجماع وإلى الملائكة في أحد القولين. (وأعطي الشفاعة العظمى والمقام المحمود) مقتضى كلامه كالمواهب والخصائص وغيرهما أنهما متغايران. وذكر بعضهم في الاذان أن المقام المحمود الشفاعة العظمى، لأن فيه يحمده الأولون والآخرون، وعلى الأول فالمقام المحمود جلوسه (ص) على العرش، وعن عبد الله بن سلام على الكرسي، ذكرهما البغوي.
(ومعجزاته باقية إلى يوم القيامة) وانقضت معجزات الأنبياء بموتهم، إذ أكثر معجزات بني إسرائيل كانت حسية تشاهد بالابصار، كناقة صالح وعصا موسى، فانقرضت بانقراض أعصارهم، ولم يشاهدها إلا من حضرها، ومعجزات القرآن تشاهد بالبصيرة فتستمر إلى يوم القيامة، لا يمر عصر إلا ويظهر فيه شئ أخبر أنه سيكون. إذ ما يدرك بالعقل يعلمه من جاء بعد الأول. (ونبع الماء من بين أصابعه بركة من الله تعالى حلت في الماء بوضع أصابعه فيه، فجعل يفور ويخرج من بين أصابعه)، حتى كان في غزوة تبوك.
وكذلك روى في الصحيحين وقوعه يوم الحديبية. فنفد الماء فوضع (ص) يده في قليل، ففار الماء في إصبعيه وشربوا وتوضأوا، وهم ألف وخمسمائة (لا أنه يخرج من نفس