أشير ولحق حماد بشلف بنى واليل وباديس في اتباعه حتى نزل مواطين فحصر السرسوا من بلاد زناتة ونزل إليه عطية بن داقلتن في قومه من بنى توين لما كان حماد قتل أباه وجاء على أثره ابن عمه بدر بن لقمان من المعتز فوصلهما باديس واستظهر بهما على حماد ثم أجاز إليه باديس وادى شلف وناجزه الحرب ونزع إليه عامة اهل معسكره فانهزم وأغذ السير إلى القلعة وباديس في أثره حتى نزل فحاصر المسيلة وانحجر حماد في القلعة وحاصره ثم هلك بمعسكره من ذلك الحصار فجأة بصرية وهو نائم بين أصحابه آخر ست وأربعمائة فباعت صنهاجة لابنه المعز صبيا ابن ثمان سنين وتلاقوا من أشير وبعثوا كرامة بن منصور لسدها فلم يقدر واقتحمها عليه حماد واحتملوا باديس على أعواده إلى مدفنهم بالقيروان وبايعوا المعز بالبيعة التامة وزحف إلى حماد بناحية قفصة وأشفق حماد فبعث ابنه القائد لاحكام الصلح بينه وبين المعز فوصل إلى القيروان سنة ثمان وأربعمائة بهدية جليلة وأمضى له المعز ما سأله من الصلح ورجع إلى أبيه وهلك حماد سنة تسعة عشر وأربعمائة فقام بأمره ابنه القائد وكان حمارا فاختار أخوه يوسف على المغرب وريعلان على حمزة بلدا حيطة حمزة بن إدريس وزحف إليه حمامة بن زيرى بن عطية ملك فاس من مغراوة سنة ثلاثين فخرج إليه القائد وسرب الأموال في زناتة وأحس بذلك حمامة فصالحه ودخل في طاعته ورجع إلى فاس وزحف إليه المعز من القيروان سنة أربع وثلاثين وحاصره مدة طويلة ثم صالحه القائد وانصرف إلى أشير فحاصرها ثم أقلع عنها وانكفأ راجعا وراجع القائد طاعة العبيديين لما نقم عليه المعز ولقبوه شرف الدولة وهلك سنة ست وأربعين وولى ابنه محسن وكان جبارا وخرج عليه عمه يوسف ولحق بالمغرب فقتل سائر أولاد حماد وبعث محسن في طلبه بلكين ابن عمه محمد بن حماد وأصحبه من العرب خليفة بن بكير وعطية الشريف وأمرهما بقتل بلكين في طريقهما فأخبرا بلكين بذلك وتعاهدوا جميعا على قتل محسن ونذر بهم ففر إلى القلعة وأدركوه فقتله بلكين لتسعة أشهر من ولايته وولى الامر سنة سبع وثلاثين وكان شهما قرما حازما سفاكا للدماء وقتل وزير محسن الذي تولى قتله وفى أيامه قتل جعفر بن أبي رماز مقدم بسكرة لما أحس بنكثه فحالف أهل بسكرة بأثر ذلك حسبما نذكره ثم مات أخوه مقاتل بن محمد فاتهم به زوجته ناميرت بنت عمه علناس بن حماد فقتلها وأحفظ ذلك أخاها الناصر وطوى على التبييت وكان بلكين كثيرا ما يردد الغزو إلى المغرب وبلغه استيلاء يوسف بن تاشفين والمرابطين على المصامدة فنهض نحوهم سنة أربع وخمسين وفر المرابطون إلى الصحراء وتوغل بلكين في ديار المغرب ونزل بفاس واحتمل من أكابر أهلها وأشرافهم رهنا على الطاعة وانكفأ
(١٧٢)