راجعا إلى القلعة فانتهز منه الناصر ابن عمه الفرصة في الثار بأخته ومالأه قومه من صنهاجة لما لحقهم من تكلف المشقة بابعاد الغزو والتوغل في أرض العدو فقتله بتسالة سنة أربع وخمسين وقام بالأمر من بعده واستوزر أبا بكر بن أبي الفتوح وعقد على المغرب لأخيه كباب وأنزله بلبا وعلى حمزة لأخيه ورمان وعلى تعارس لأخيه خزر وكان المعز قد هدم سورها فأصلحه الناصر وعقد على قسنطينة لأخيه بلباز وعلى الجزائر وسوس الدحاج لابنه عبد الله وعلى أشير لابنه يوسف وكتب إليه حمو بن مليل البرغواطى من صفاقس بالطاعة وبعث إليه بالهدية ووفد عليه أهل قسنطينة ومقدمهم يحيى بن واطاس فاعلنوا بطاعته وأجزل صلتهم وردهم إلى أماكنهم وعقد عليها اليوسف ابن خلوف من صنهاجة ودخل أهل القيروان أيضا في طاعته وكذلك أهل تونس وكان أهل بسكرة لما قتل بلكين مقدمهم جعفر بن أبي رماز خلعوا طاعة آل حماد واستبدوا بأمر بلدهم وعليهم بنو جعفر فسرح الناصر إليهم خلف بن حيدرة وزيره ووزير بلكين قبله فنازلها وافتتحها عنوة واحتمل بنى جعفر في جماعة من رؤسائها إلى القلعة فقتلهم الناصر وصلبهم ثم قتل خلف بن أبي حيدرة بسعاية رجالات صنهاجة فيه أنه لما بلغه خبر بلكين أراد تولية أخيه معمر وشاورهم فيذلك فقتله الناصر وولى مكانه أحمد بن جعفر ابن أفلح ثم خرج الناصر ليتفقد المغرب فوثب علي بن ركان على تافر بوست دار ملكهم وكان لما قتل بلكين هرب إلى إخوانه من عجيسة واهتبلوا الغرة في تافر بوست لغيبة الناصر فطرقوها ليلا وملكها على فرجع الناصر من المسيلة وعاجلهم فسقط في أيديهم وافتتحها عليهم عنوة وذبح علي بن ركان نفسه بيده ثم وقعت بين العرب الهلاليين فتن وحروب ووفد عليه رجالات الأثبج صريخا به على رياح فأجابهم ونهض إلى مظاهرتهم في جموعه من صنهاجة وزناتة حتى نزل للاريس وتواقعوا بسببه فغدرت بهم زناتة وجروا عليه وعلى قومه الهزيمة بدسيسة ابن المعز بن زيرى بن عطية وإغراء تميم ابن المعز فانهزم الناصر واستباحوا حرابته ومضاربه وقتل أخوه القاسم وكاتبه ونجا إلى قسنطينة في اتباعه ثم لحق بالقلعة في فل وعسكره لم يبلغوا كاس وبعث وزيره ابن أبي الفتوح للاصلاح فعقد بينهم وبينه صلحا وتممه الناصر ثم وفد عليه رسول تميم وسعى عنده بالوزير بن أبي الفتوح وانه مائل إلى تميم فنكسه وقتله وكان المستنصر بن حزرون الزناتي خرج في أيام الفتنة بين الترك والمغاربة بمصر ووصل إلى طرابلس فوجد بنى عدى بها قد أخرجهم الأثبج وزغبة من إفريقية كما ذكرناه فرغبهم في بلاد المغرب وسار بهم حتى نزل المسيلة ودخلوا أشير وخرج إليه الناصر ففر إلى الصحراء ورجع فرجع إلى مكانه من الافساد فراسله الناصر في الصلح فأسعفه وأقطعه ضواحي الزاب وريغه
(١٧٣)